التغيير والتبديل في الوصية
اتباع شرط الواقف كنص الشارع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4629)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصى عمي (ع) بثلث تركته مِن أملاك وعقار للفقراء والمساكين، فهل يجوزُ لي كوصي بيع العقار، والتصرف في جزء من ثمنه لصالح تكملة مسجد، وبناء مدرسة قرآنية، وما تبقى من ثمنها يصرف في مشاريع خيرية أخرى؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن اتباع شرط الْمُوصِي من الأمور التي أوجبها الشرع، ما لم يخالف الشريعة، وقد اشتهر عند الفقهاء قولهم: (أنّ نص الواقف كنص الشارع)، قال الخرشي رحمه الله: “اتُّبِعَ (وُجُوبًا) شَرْطُهُ (أَيْ الْوَاقِفِ) إنْ جَازَ (شَرْعًا)، يَعْنِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا فَإِنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا حَسْبَ الْإِمْكَانِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِ كَأَلْفَاظِ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ الِاتِّبَاعِ” [الخرشي: 7/92].
وعليه؛ فيجب على الورثة الالتزام بما قاله الموصي، في وصيته بثلث مالِهِ في الفقراء والمساكين، ولا يجوز للوصي أو الناظر على الوقف أن يتصرف في الوقف على خلاف ما جاء في الوصية؛ لما فيه من التغيير والتبديل، قال الله جل وعلا: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة: 181]، وذلك احترامًا لإرادة الواقف؛ لأن الحق له في صرف مالِه في القربات حيث شاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ، عِنْدَ وَفَاتِكُمْ، بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ، زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ” [ابن ماجه :2709]،والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
أحمد بن ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29//محرم//1443هـ
06//09//2021م