طلب فتوى
الحدود و الجناياتالفتاوى

التفريط المسبب في القتل الخطأ يوجب الكفارة والدية

   بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

   رقم الفتوى (1393)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا مدير شركة طريق الإعمار، تعاقدت مع شركة المدار للاتصالات على صيانة محطتي (الرياينة والمشاشية)، وذلك بتاريخ (2013/5/5م)، وبدأت العمل في اليوم نفسه، واتصلت بالمهندس المشرف من طرف شركة المدار، وأخبرته بأن مكان القواعد لا يناسب واقع العمل، مما اضطرنا لإزالة مكان القواعد إلى أركان المحطة (الزوايا)، وتم فك حبال الشد لبرج المحطة وتثبيته مؤقتًا في السياج والقواعد، إلى أن يأتي المهندس المشرف لوضع القواعد، واستمر العمل على هذا الأمر، وبعد خمسة أيام تقريباً تم تجهيز الحفر وقاعدتين ببناء الصندوق الحجري حسب المواصفات ووضع حديد التسليح، ولم يحضر المهندس المشرف، فاتصلت به وأبلغته عن موعد بناء القواعد (صب الخرسانة)، وعند الموعد المحدد بتاريخ (2013/5/15م)، ذهبت إلى مقر شركة المدار، وتحدثت مع مدير المشروعات بخصوص القواعد التي تُشد فيها الحبال، فأخبرني أن أرجع يوم الأحد لاستلامها من مخازن الشركة، فهبت عاصفة قوية قبل استلامها أسقطت البرج المثبت تثبيتاً مؤقتاً، فأصاب طفلاً فمات، فما الحكم في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

         فإذا لم تكن مفرّطًا بفك الحبال؛ بحيث يشهد أهل الخبرة بأن فكها لا يؤدّي إلى سقوط المحطة إذا ربطت وثُبّتت في شيء آخر فلا يلزمك شيء، ولا كفارة عليك؛ لأنه من فعل الريح، وفعل الريح جبار، والذي يحدّد ذلك هم أهل الخبرة والاختصاص، وإن كنت مفرّطاً بفك حبال الشد، وشهد أهل الخبرة بأن المحطة لا تثبت في مكانها إلا بالحبال التي فُكّت، أو ثُبّتت الحبال في غير محلها، فهذا من قتل الخطأ الذي يوجب الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَّقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَّصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهْوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾[النساء: 92]، فالواجب على السائل عند ذلك صيام شهرين متتابعين والدية، وتكون الدية على العاقلة، وتنجم على ثلاث سنوات، وهي مائة من الإبل مخمسة، وتقدر بـ(4250) جراماً تقريباً من الذهب الخالص، ولأهل المجني عليه أن يصطلحوا مع الجاني، ولو بأقل مما ذكر إذا رأوا ذلك، أو يعفوا عن الدية؛ لأنها حق لهم، قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿إِلاَّ أنْ يَّصَّدَّقُواْ﴾: “وأما الكفارة التي هي لله تعالى فلا تسقط بإبرائهم، وإنما تسقط الدية التي هي حق لهم”[تفسيرالقرطبي:323/5]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

15/رمضان/1434هـ

2013/7/24م

 

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق