بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5412)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حصل شجار بيني وبين زوجتي، وغضبت غضبًا شديدًا، فتلفظتُ بالطلاق وأنا لا أدري، حتى أخبرتني هي بعد ذلك، فما هو الحكم الشرعي؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقلَ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذة بالأقوالِ والأفعالِ، فإذا كان المطلِّقُ يعِي ما يقولُ؛ فالطلاقُ واقعٌ، وأما إن كانَ المطلقُ شديدَ الغضبِ وقتَ الطلاقِ، إلى درجةٍ لا يعي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما صدرَ منه، فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَن ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، قال الصّاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، من أنَّ السائلَ لم يعلم أنه طلق إلا بعد أن أخبرته زوجته بتلفظه بالطلاق؛ فلا يقع الطلاق، ولا يلزمه، لغيابه عن الوعي حين التلفظ، ولْيَعلمْ أن عدمَ وقوعِ الطلاق متوقفٌ على صدقِ ما أخبرَ به، من أنه لم يكن مُدرِكاً لما وقع منه من الطلاق، أما إن كان مدركًا لما وقع منه؛ فإن هذه الفتوى لا تفيده؛ لأنها بُنيت على إخباره بعدم إدراكه، فإذا كان الواقع غير ذلك، وكان مدركًا لما وقع منه؛ فالطلاق لازمٌ له، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20//جمادى الأولى//1445هـ
04//12//2023م