بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2714)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
رجل قال لزوجته: أنت طالق طالق، وأنت كأمي، فماذا يلزمه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن لفظ السائل قد جمع فيه بين كناية الظهار والطلاق، فلفظه: “أنت طالق طالق”، يُسأَل عن نيتِه: إن قصد بالثانية التأكيد وقعت واحدة، وإلا وقعت طلقتان؛ لأنّ الكلام قد يكررُ للتوكيد، كقوله صلى الله عليه وسلم: (فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) [الترمذي:407/3]، قال المواق رحمه الله: “ومثله أنت طالق طالق طالق، وعبارة المتيطي: من كرر الطلاق، وأتى به نسقا دون عطف، فقال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فإنه يلزمه الثلاث، إلا أن ينوي بالأولى واحدة، وبالباقيتين الإسماع والتأكيد” [التاج والإكليل:355/5].
أما قوله: “أنت كأمي”، فهي كناية للظهار، قال الدردير رحمه الله: “(وَكِنَايَتُهُ) الظَّاهِرَةُ، وَهِيَ مَا سَقَطَ فِيهِ أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ؛ الظَّهْرِ، أَوْ ذِكْرِ مُؤَبَّدِ التَّحْرِيمِ، فَالْأَوَّلُ نَحْوُ أَنْتِ: (كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي)” [الشرح الكبير: 442/2]، ويُنَوَّى مَن وقع منه هذا اللفظ، قال الخرشي رحمه الله: “وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ كَأُمِّي كَانَ هَذَا كِنَايَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ الظَّهْرِ، وَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِذَلِكَ الْكَرَامَةَ لِزَوْجَتِهِ، مِنْ أَنَّهَا مِثْلُ أُمِّهِ فِي الشَّفَقَةِ وَالْكَرَاهَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ ظِهَارٌ” [شرح مختصر خليل للخرشي:106/4]، قال الصقلي رحمه الله: “وإن كنى الظهار، مثل قوله: أنت كأمي، أو مثل أختي، إذا أراد به الطلاق كان طلاقًا؛ لأنه نقله إلى ما هو أقوى منه؛ لأن الطلاق يزيل العصمة، ومكنى الظهار لا يزيلها” [الجامع لمسائل المدونة:760/10]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
19/صفر/1437هـ
01/ديسمبر/2015م