طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

الحلف بلفظ: (عليَّ اليمين) هو حلف بالطلاق

الطلاق قبل الدخول بائن بينونة صغرى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5965)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

في يوم عقد الزفاف سنة 2021م حدثت مهاوشة بيني وبين أصدقائي في ليلة العقد، بعد أن سألني أحدهم: هل لزوجتك أخت؟ فقلت له: (عليّ اليمين ما عندها أخت) معتقدا أن لا أختَ لها مطلقا، ثم علمت أن لها أختًا من الأب، وفي سنة 2023م دخلت بها، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالحلفُ بلفظ (عليَّ اليمين) هو حلف بالطلاق؛ لأن اليمين ينصرف إلى الطلاق في عرفِ البلد، والحلف بالطلاق مكروهٌ، وهو مِن أيْمانِ الفسَّاق، التي تقدحُ في المروءةِ والشهادة، ومن حلف بالطلاق على شيء يعتقده ثم ظهر خلافه فإن طلاقه يقع، قال الدردير رحمه الله: “(‌وَلَمْ ‌يُفِدْ) لَغْوُ الْيَمِينِ (فِي غَيْرِ) الْحَلِفِ بِـ(اللَّهِ) وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ” [الشرح الكبير: 2/129].

والطلاق الواقع قبلَ الدخولِ يعدُّ طلاقًا بائنًا، يحتاجُ إلى عقدٍ جديدٍ، ولا يكونُ رجعيًّا؛ لأنّ الرجعةَ إنما تكونُ في العدة، والله تعالى أخبرَ أنّ المطلقةَ قبل الدخول لا عدَّة عليها، فلزمَ أن يكونَ طلاقُها كلُّه بائنًا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ [الأحزاب: 49].

وبما أنه لم يُعقد على المرأةِ بعد هذهِ الطلقةِ البائنةِ، فإنّ الدخولَ الذي حصلَ بعدها يعدُّ وطئًا محرمًا، ويجبُ على مَن فعلَ ذلكَ التوبةُ مِن هذه المعصيةِ التي ارتكـــبها، والواجب الآن أن يكف الزوج عن معاشرة المرأة إلى أن تحيض ثلاث حيضات تسمى استبراءً، وبعد انتهاء مدة الاستبراء يعقد عليها إذا أراد، ووطؤه الأول وإن كان محرما فهو وطء شبهة يلحق به الولد وليس فيه حدّ.

قال الدردير رحمه الله: “(وَوَجَبَ) عَلَى الْحُرَّةِ الْمُطِيقَةِ (إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ) بِغَلَطٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ إجْمَاعًا كَمُحَرَّمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ) زَوْجَتَهُ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ يَحْرُمُ إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا (وَلَا يَعْقِدُ) زَوْجٌ عَلَيْهَا زَمَنَهُ… وَقَوْلُهُ: (قَدْرُهَا) فَاعِلُ وَجَبَ أَيْ قَدْرُ الْعِدَّةِ فَذَاتُ الْأَقْرَاءِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، وَالْمُرْتَابَةُ وَمَنْ مَعَهَا سَنَةٌ، وَالصَّغِيرَةُ وَالْيَائِسَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ” [الشرح الكبير: 2/471].

عليه؛ فالنكاح فاسد، ويجب على الزوج التوبة من الاسترسال على امرأة كان يظنها زوجتَه وهي أجنبية عنه، ثم لابد أن يعقد عليها عقدًا صحيحًا، مشتملًا على أركانه؛ لأنها مطلقة منه طلاقًا بائنًا، وقبل أن يعقد على المرأة يجبُ عليها أن تَستبرئَ من الماء الفاسد بثلاث حيضات، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

11// رمضان//1446هـ

11// مارس//2025م 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق