بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5277)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قريبي يسكن مع زوجته وابنتهما الوحيدة المتزوجة في شقة، ويريد أن يهب هذه الشقة لابنته، فهل يجوز له ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالهبة من التبرعات المندوبة، إذا قَصَدَ الواهب التودد وتأليف القلوب، مستحضرًا قوله صلى الله عليه وسلم: (تَهَادُوا تَحَابُّوا) [الأدب المفرد: 594]، وأما لو كان قاصدًا حرمان باقي الورثة من الميراث، فإن عمله غير جائز.
وأيًّا كانت نيةُ الواهب، فالهبةُ لا تتمُّ إلا بالحوز، وما دامَ الأب يسكنُ الشقة الموهوبة مع ابنته الموهوبِ لها، فإنّ شرطَ الحيازة غيرُ حاصل، فإذا ماتَ الأب رجعتِ الشقة للورثة، ولا يتم الحوزُ إلا بخروجه منها وتسليم الشقة بمرافقها لابنته، تتصرف فيها كيف شاءت؛ بالبيع أو الكراء أو السكنى، قال الخرشي الشيخ رحمه الله: “الهِبَةَ إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ وَاهِبِهَا… إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ؛ لِفَوَاتِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ مِلْكِهَا” [شرح الخرشي على المختصر: 7/110]، وقال الشيخ ميارة رحمه الله: “فَفِي وَثَائِقِ الْبَاجِيِّ: إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ فِي دَارٍ يَسْكُنُهَا الْأَبُ فَلَا تَجُوزُ حَتَّى يُخْلِيَهَا الْأَبُ مِنْ أَهْلِهِ وَثِقْلِهِ وَتَكُونُ فَارِغَةً” [شرح ميارة على تحفة الحكام: 2/156]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05//صفر//1445هـ
01//08//2023م