طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

الحيازة بالتقادم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1445)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

هل يسقط حق الإنسان بالتقادم في الشريعة الإسلامية؟ وهل يجوز للمسلم أن يمتلك شيئا بالتقادم؟ وهل يجوز للقاضي المسلم أن يحكم بتقادم الحق طبقًا للقانون الوضعي؟ وماحكم من يحتج بالتقادم؟ وماحكم المحامي عنه؟ وهل يجوز لمن أُخذ ماله بالتقادم مدافعة الحكم ومجاهدته، أم يلزمه السكوت؟ وما حكم الصلاة في العقار المملوك بحكم المحكمة بالتقادم؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن التقادم معناه حيازة الشيء مدة طويلة يثبت بها الملك، والحيازة هي وضع اليد على الشيء والتصرف فيه، والتصرف يكون بواحد من أمور؛ إسكان أو زرع أو غرس أو استغلال أو هبة أو صدقة أو بيع أو هدم أو بناء أو قطع شجر، فمن كان له دعوى في حق كعقار ونحوه، ثم رأى غيره يحوزه، ويتصرف فيه تصرف الملاك، كأن يراه يهدم ويبني ويؤجر، مع طول الزمان، ثم سكت على ما يراه، ولم يتقدم بدعوى طوال هذه الفترة، ولم يمنعه من رفع دعواه مانع، من إكراه أو قرابة أو شراكة أو صغر أو سفه أو غياب، فإن هذا السكوت الطويل يبطل حقه في رفع دعواه، وتبقى اليد للحائز؛ لأن السكوت طول هذه المدة مع التصرف الطويل، يوجب الريبة في صدق المدعي، قال ابن فرحون رحمه الله: “ما تشهد العادة بكذبه كدعوى الحاضر الأجنبي ملك دار بيد رجل، وهو يراه يهدم ويبني ويؤجر مع طول الزمان، من غير مانع يمنعه من الطلب من رهبة أو رغبة، وهو مع ذلك لا يعارضه فيها، ولا يدعي أن له فيها حقا، وليس بينهما شركة، ثم قام يدعي أنها له، ويريد أن يقيم البينة على دعواه، فهذا لا تسمع دعواه أصلا، فضلا عن بينته؛ لتكذيب العرف إياه”[تبصرة الحكام:148/1].

أما عن المدة التي تفيد فيها الحيازة والتقادم، فالحائز المتصرف في العقار؛ إما أن يكون أجنبيا غير شريك، أو أجنبيا شريكا، أو قريبا، فالأول لا تقبل فيه دعوى الملك بعد عشر سنين، مِن حاضر ساكت عالم، بلا مانع وعذر، مِن إكراه وصغر وسفه ونحوه، والثاني كذلك لا تقبل فيه من شريكه الحاضر دعوى بعد عشر سنين، إلا إذا كان تصرفه يسيرا، كبناء قلَّ وغرس شجرة ونحوه، أو هدم ما يخشى سقوطه، وفي الحائز القريب لا تقبل الدعوى ضده بعد أربعين سنة. [ينظر: المدونة الكبرى:192/13، والشرح الكبير:234/4، ومواهب الجليل:224/6-229].

وهذا ما لم يُعرف الحائز نفسه بأنه ظالم غاصب، أو وارث عن غاصب، فإن علم ذلك فلا يحل له ما بيده بطول المدة والتقادم، وإن حكم له به الحاكم؛ لأن حكم الحاكم لا يحلل الحرام، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

غيث محمود الفاخري

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

25/شوال/1434هـ

2013/9/1م

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق