الدعاء والتسبيح والتهليل عقب صلاة الجمعة مباشرة بمكبرات الصوت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2237)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
يقوم بعض المصلين بالدعاء والتسبيح والتهليل عقب صلاة الجمعة مباشرة، ويكون هذا الفعل بمكبرات الصوت عبر الإذاعة، فهل هذا الفعل مشروع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن النهي عن الإحداث في الدين، والتحذير منه، جاء على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم، حين قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد)، وفي لفظ مسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) [مسلم: 1718]، قال ابن الماجشون رحمه الله: “سمعت مالكا يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: )اليوم أكملت لكم دينكم(، فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا” [الاعتصام:49/1].
ومن المعلوم أن هذه الكيفية من الدعاء والتسبيح لم تثبت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا على عهد القرون المفضلة، قال القرافي رحمه الله: “كَرِهَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لِأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ، فَيَجْتَمِعُ لِهَذَا الْإِمَامِ التَّقَدُّمُ فِي الصَّلَاةِ، وَشَرَفُ كَوْنِهِ نَصَّبَ نَفْسَهُ وَاسِطَةً بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادِهِ فِي تَحْصِيلِ مَصَالِحِهِمْ عَلَى يَدِهِ بِالدُّعَاءِ، وَيُوشِكُ أَنْ تَعْظُمَ نَفْسُهُ عِنْدَهُ، فَيَفْسُدَ قَلْبُهُ، وَيَعْصِيَ رَبَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُطِيعُهُ” [الفروق: 4/300]، وروي أن بعض الأئمة استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يدعو لقومه بدعوات بعد الصلاة، فقال له: لا؛ لأني أخشى عليك أن تنتفخ حتى تصل إلى الثريا، [شرح ابن ناجي على الرسالة:170/1]، فضلا عما يحدثه هذا الدعاء من التشويش على المسبوقين، قال صلى الله عليه وسلم: (أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ – أَوْ قَالَ: مُنَاجٍ رَبَّهُ – فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ) [السنن الكبرى:4703].
والواجب على الإمام والمصلين التقيد بالسنة الواردة في العبادات، وتصفية المساجد من البدع، فالخير كلُّ الخير في اتباع السلف، وكثيراً ما كان مالك رحمه الله يتمثل بقول القائل:
وخير أمور الدين ما كان سنةً |
وشرُّ الأمور المحدثات البدائع |
[المدخل:242/4]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
11/جمادى الأولى/1436هـ
2015/3/2م