الرجوع في الهبة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3081)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

ما هي موانع الرجوع في الهبة؟ وماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الراجع في هبته؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الهبة تلزم بالقول ونحوه من الواهب، وتتم بقبضها والتصرف فيها من الموهوب له، ولا يجوز رجوع الواهب في هبته بعد لزومها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “العائد في هبته كالكلب، يقيء ثم يعود في قيئه“ [البخاري:2589، مسلم:1622]، ولكن إذا كان الواهب أحد الوالدين فإنه يجوز له خاصة الرجوع في الهبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده) [أبوداود:3539]، ويسمى رجوعه: اعتصارا، قال الباجي رحمه الله: “فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ الِاعْتِصَارِ لِلْأَبَوَيْنِ“ [المنتقى:116/6]، وقال الدردير رحمه الله: “(وللأب) فقط لا الجد (اعتصارها)، أي الهبة“ [الشرح الكبير:110/4]، إلا أن جواز رجوع الوالدين في الهبة مقيد بالقيود التالية:

–           أن تكون الهبة مرادا بها ذات الولد، وليس المراد بها الصدقة وثواب الآخرة، أو الصلة والحنان لكونه محتاجا أو كثير العيال أو خاملا بين الناس، إلا أن يشترط الواهب حق الرجوع حين الهبة.

–           أن لا يشترط الواهب على نفسه عدم الرجوع في الهبة.

–           عدم فوات الموهوب بزيادة أو نقصان أو غصب، أو بتصرف الولد في الهبة ببيع أو هبة أو صنعة ونحو ذلك.

–           أن لا يعامل الناس الولد لأجل الهبة بتزويجه أو مداينته ونحو ذلك.

–           أن لا يكون الواهب أو الموهوب له حين الارتجاع مريضا مرضًا مخوفا.

–           أن لا يموت الموهوب له قبل رجوع الواهب في هبته؛ لانتقال الحق إلى الورثة.

–           أن لا تكون الأم قد وهبت لابنها اليتيم وهو الفاقد لأبيه قبل البلوغ؛ لأن الهبة هنا لها حكم الصدقة. [انظر هذه الشروط في الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي:4/ 112–110]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

16/المحرم/1438هـ

17/أكتوبر/2016م