الشراء من الغاصب لا ينقل الملكية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5455)
السيد المحترم/ مدير الإدارة القانونية بشركة الاتحاد العربي للمقاولات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة التظلم من الفتوى رقم (5280) بناء على الآتي:
- شركة الاتحاد العربي للمقاولات لم تقم بالزحف على كسارة (ابسيم)، التي تم الزحف عليها سنة 1978م، من قبل مجموعة الشركات الوطنية، بل اشترتها سنة 1987م -أي بعد مرور عشر سنوات- من المجموعة المذكورة بمبلغ (575000 د.ل)، وكانت الكسارة عبارة عن معدات حديدية (رابش)، وهذا الشراء تم حسب القوانين الموجودة في ذلك الوقت، وبالتالي فإن المسؤول عن الزحف وما ترتب عليه من آثار هي الدولة الليبية، وعليها دفع التعويض للملاك السابقين، وذلك لا يلزم شركة الاتحاد العربي للمقاولات.
- صاحب الكسارة قد تقدم إلى لجان التعويض التي شكلتها الدولة، حسب الشهادة المرفقة، وبالتالي تنتفي علاقته بشركة الاتحاد العربي للمقاولات، ولا يجوز له الحصول على تعويضٍ من جهتين.
فالجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن شركة الاتحاد العربي -وإن كانت ليست هي الزاحفة على الكسارة، وإنما اشترتها من مجموعة الشركات الوطنية – قد اشترتِ الكسارة من الغاصب، وهو مجموعة الشركات الوطنية، والشراء من الغاصب لا يحلّ؛ لأنه غير مالك، وقد ذُكر في الفتوى أن على الشركة أن تردَّ الكسارةَ لملاكها، وهم ورثة محمد ابسيم؛ لأن من وَجد عين مالِهِ عند آخر فهو أحقُّ به، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَهْوَ أَحَقُّ بِهِ) [أبوداود:5333].
وذكر في الفتوى السابقة أيضًا؛ أن ضمان المبيع المغصوب هو على المشتري الذي اشترى من الغاصب، فيضمنُ المفقود والمستهلك للمالك إن اختار الرجوع عليه، وفيما يتعلق بالأرباح التي يُطالب بها السائل؛ فعلى الجهة التي اشترت المغصوب -وهي شركة الاتحاد العربي- أن تضمن له الأرباح التي حقّقتها ما دامت عالمة بالغصب، وذلك بعد أن تخصم شركة الاتحاد ما أنفقته على المغصوب، وهو الكسارة، ثم من حق الشركة أن تطالب البائعَ – وهو مجموعة الشركات الوطنية – بالثمن الذي دفعته، وهو كما جاء في السؤال: (575000 د.ل).
وكون شركة الاتحاد العربي اشترت من الغاصب -وهو مجموعة الشركات الوطنية- بمقتضى قوانين الدولة في ذلك الوقت، لا يعفيها من المسؤولية، والقوانينُ المعمول بها لا تُحِلُّ لها الغصب والحرام، بل الحرام يبقى دائما حرامًا، وإن وُضِعَ له ألفُ قانون مخالفٍ لشرع الله، قال صلى الله عليه وسلم: (أيُّما شَرْطٍ ليسَ في كِتَابِ اللَّهِ، فَهو بَاطِلٌ، وإنْ كانَ مِئَةَ شَرْطٍ) [البخاري: 2563]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ) [مسلم:1718]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عِندَ شُرُوطِهِمْ، إِلاَّ شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا) [أبوداود: 3594].
عليه؛ فالواجب على شركة الاتحاد العربي التي بيدها الكسارة المغصوبة الآن، أن تردَّها إلى ورثة (محمد ابسيم)؛ كما جاء في الفتوى السابقة، ولا أثر لكون الدولة هي المسؤولة عن الزحف، وأن الشراء كان بإجراءات قانونية سليمة؛ ما دام أن الدولة لم تعوِّض المالك أو ورثته تعويضًا عادلا، بسعر السوق في ذلك الوقت -حسبما جاء في الوثيقة المرفقة بالتظلم- لأن القانون الذي استندت إليه قانونٌ باطلٌ مخالفٌ للشرع.
وعلى ورثة (محمد ابسيم) أن يعلموا أنهم إذا اختاروا مطالبةَ شركة الاتحاد العربي؛ فليس لهم أخذ تعويضِ الدولة، ولشركة الاتحاد العربي مطالبة الدولة بما دفعته ثمنًا لشراء الكسارة كما تقدم، وبما دفعته للورثة أيضًا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
عصام بن علي الخمري
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26//جمادى الآخرة//1445هـ
08//01//2024م