طلب فتوى
الصلاةالعباداتالعقيدةالفتاوى

الصلاة خلف إمام أشعري أو إباضي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2309)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

يمتنع بعض الناس عندنا عن الصلاة خلف آخرين، بدعوى أنهم إباضيون، أو مبتدعة، أو أشاعرة، أو نحو ذلك، فما الحكم في هذه المسألة؟ وهل تصح الصلاة خلف منْ ذكر؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن من ينظر إلى واقع الأمة في ليبيا، عبر مختلف الأزمنة والعصور، يجد أنَّ أهلها قد تعايشوا معا، في ظلّ عقيدة واحدة صافية، توارثوها عن علمائهم، ولم يكونوا يتعرضون لقضايا الخلاف في جزئيات مسائل العقيدة، فلم تكن القضايا الكلامية، التي ينبني عليها الخلاف، تثار بينهم بل كانوا إخوةً متحابّين، يجمعهم الدّين الإسلامي الحنيف، ولا يوجد منْ فَرْق تستطيع أن تلاحظه بين الإباضي والمالكي مثلا على مَرِّ السنين الطويلة الضاربة في القدم سوى رفع اليدين عند افتتاح الصلاة، وعدم رفعها، ولم يزل الأمر على ذلك بين عامة الناس من الفريقين، يجمعهم الإسلام القائم على توحيد الله، وتنزيهه عن النقائص وعن الشبيه والنظير )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(، وعلى الإيمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وبأركان الإسلام، وإقامة الفرائض إيمانا إجماليا، يكتفون به ولا يخوضون في التفصيلات ولا تخطر ببالهم، حتّى نشأت ناشئة من الفريقين أثاروا مسائل الخلاف الدقيقة في مسائل علم الكلام التي تجاوزها الزمن، وأحيوها بينهم جذعية، وصاروا للأسف يدرسونها للعامة يختبرونهم بها فأقحموهم فيما لا قبل لهم به، ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، لبثِّ الفِرقة والشقاق وإحياء النعرات بين أبناء الدين الواحد، والبلد والواحد، مُستغلِّين عواطف الشباب غير المحكومة بالبعد الشرعي، القائم على جلب المصالح ودرأ المفاسد؛ ليوسّعوا بذلك هوّة الخلاف، الذي يعود بالضرر على وحدة الدين ووحدة الوطن.

ودار الإفتاء تدعو الفريقين إلى أن يمضوا على ما كانوا عليه في سالف الآيام من المودة والألفة والمحبة، والصلاة في المسجد الواحد، وأن يعلموا أن سلف الأمة اتفقوا على أن الصلاة خلف كل مسلم صحيحة وافقك في المذهب أو خالفك.

كما تدعو دار الإفتاء جميع الأطراف بمختلف مسمياتهم، إلى الرجوع إلى كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونبذ البدع والخرافات والحزبيات، وكذلك تدعوهم إلى سلامة صدورهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، كما ندعو الجميع إلى الرجوع إلى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلاف الأمة الأخيار من بعده، في أبواب الاعتقاد والعمل، فلزوم منهجهم فيه حسن العاقبة والسلامة من كل آفة.

ومَنْ بلغه عن أخيه شيئ يرى أنه مخالف للصواب، فعليه أن ينصح له، ويبين له الحجة بالرفق واللين، ويصبر على ذلك، ولا يستعجل النتائج والآثار، متوكِّلا في ذلك كله على الله جل وعلا، راجيا القبول، وامتثال المنصوح، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

16/جمادى الآخرة/1436هـ

06/أبريل/2015م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق