الضوابط الشرعية للمشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك
شراء عقار بطريقة التمويل السوقي الحقيقي بالمشاركة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4515)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توجد لدينا في أستراليا طريقة لتملك العقارات، تسمى: (التمويل السوقي الحقيقي بالمشاركة)، تتثمل في شراء العقار مشاركة بين شركة التمويل والعميل طالب التمويل، على أن تكون نسبة مشاركة العميل 20% على أقل تقدير، ويتفق الطرفان على أن تبيع الشركة حصتها للعميل بالتقسيط على دفعات شهرية، وأن يستأجر العميل حصتها في العقار طيلة مدة السداد، بقيمة إيجار متفق عليها بناء على تثمين سوقي حقيقي، من قِبل مثمن مستقل ومعتمد، ويمكن أيضًا اعتبار القيمة الإيجارية على أنها التقدير العالمي الحقيقي لإمكانية التأجير، مع معدل نمو في الإيجار، وذلك لفترة زمنية متفق عليها (فترة التمويل)، وحدُّها الأقصى ثلاثون عامًا، ويتحدد سعر الشراء بالثمن الذي دفعته الشركة، مع تقدير لنمو قيمة العقار بمعدل نمو سنوي يتم الحصول عليه من خلال تقييم مستقل، باستخدام بيانات سوقية عالمية حقيقية، وتحدث المراجعة لمعدلات النمو للإيجار وسعر الشراء في فترات زمنية مسبقة متفق عليها؛ لتعكس السوق الحقيقي، والدفعة الشهرية التي يدفعها العميل نظير حصة الشركة في العقار تقوم بتقليل حصة الشركة، وبالتالي زيادة حصة العميل تدريجيا، حتى تصل حصة العميل إلى 100% بنهاية فترة التمويل، ويسمح للعميل بشراء حصة إضافية في أي وقت يسمح به الاتفاق، كما يدفع العميل ما يلزم المستأجر من مصاريف العقار الاستهلاكية، وتتحمل الشركة والعميل المصاريف الأخرى، كل حسب حصته، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هذه الطريقة تسمى المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك، وهي إحدى الأساليب الحديثة التي تتعامل بها البنوك الإسلامية وشركات التمويل، وقد درسها مجمع الفقه الإسلامي، وعرّفها، ووضع لها ضوابط شرعية، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي رقم: 136(15/2 ( بشأن المشاركة المتناقصة وضوابطها الشرعية:
“تختص المشاركة المتناقصة بوجود وعد ملزم من أحد الطرفين فقط، بأن يتملك حصة الطرف الآخر، على أن يكون للطرف الآخر الخيار، وذلك بإبرام عقود بيع عند تملك كل جزء من الحصة، ولو بتبادل إشعارين بالإيجاب والقبول.
يجوز لأحد أطراف المشاركة استئجار حصة شريكه بأجرة معلومة ولمدة محددة.
المشاركة المتناقصة مشروعة إذا التُزم فيها بالأحكام العامة للشركات، وروعيت فيها الضوابط الآتية:
أ– عدم التعهد بشراء أحد الطرفين حصة الطرف الآخر بمثل قيمة الحصة عند إنشاء الشركة، لما في ذلك من ضمان الشريك حصة شريكه، بل ينبغي أن يتم تحديد ثمن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع، أو بما يتم الاتفاق عليه عند البيع.
ب– عدم اشتراط تحمّل أحد الطرفين مصروفات التأمين أو الصيانة وسائر المصروفات، بل تحمّل على وعاء المشاركة بقدر الحصص.
ج– تحديد أرباح أطراف المشاركة بنسب شائعة، ولا يجوز اشتراط مبلغ مقطوع من الأرباح أو نسبة من مبلغ المساهمة.
د– الفصل بين العقود والالتزامات المتعلقة بالمشاركة.
ه– منع النص على حق أحد الطرفين في استرداد ما قدمه من مساهمة (تمويل)”.
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالمعاملة المذكورة فاسدة؛ لاشتراط ضمان رأس مال الشركة ابتداء في العقد مع حصولها على ربح مضمون، وللجهالة في ثمن المبيع والأجرة؛ وذلك لربطها حال التعاقد بمعدلات ومؤشرات مجهولة القدر، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//شوال//1442هـ
30//05//2021م