طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

الطلاق حال الإغلاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5629)

 

السيد المحترم/ قاضي إشراف محكمة ج الجزئية.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة طلب الفتوى الشرعية بشأن التثبت من طلاق المدَّعى عليه للمدعية، في الدعوى المرفوعة مِن “س” ضد “ص”.

فالجواب كالآتي:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فبعد سؤال الزوج عن الطلاق؛ أخبر أنه كان في حالة غضب شديد في الطلقة الثانية والثالثة، بحيث لم يدر أنه طلقَ، إلا بعدَ أن أخبرتهُ زوجته بذلك، فالطلاق الثاني والثالث غير لازم وإن كانت الزوجة تدعي أنه كان مدركًا لما وقع منه؛ لأن القول في وقوع الطلاق من عدمه قولُ الزوج؛ لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّمـا الطَّلَاق لمـَن أخَذ بِالسَّاقِ) [ابن ماجه:6354].

ولم يلزمه الطلاق؛ لأن المطلق الذي لا يعي ما يقول، ولا يشعرُ بما صدر منه؛ طلاقه لا يقع؛ لأنه حينئذ في حكم المجنونِ فاقد العقل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتَلم، وعن المجنونِ حتى يَعقل)  [الترمذي:1423]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طلاقَ ولا عتاقَ في إغلاقٍ) [أحمد: 53/314]، وقال الصاوي رحمه الله: “يلزم طلاق الغَضْبَان، ولو اشتدَّ غضَبُه، خلافًا لبعضهم، وكل هذا ما لم يَغِب عقلُه، بحيث لا يشعُر بما صدرَ منه، فإنه كالمجنون” [بلغة السالك: 2/351].

عليه؛ فلا يلزمُ من الطلاق إلا ما أقرَّ به الزوج، وهو الطلقة الأولى، والزوجة باقيةٌ على عصمته، وإذا كانت الزوجة تعلم أنّ زوجها حين طلقهَا لم يكن في حالِ الإغلاق والغضب الشديد، الذي أفقدَه إدراكَ ما يقول، وهي متيقنةٌ من ذلك وصادقة، وليس لها شهودٌ، فإنّه يجبُ عليها ديانة أن تمنعَ نفسها من معاشرته، ولو أن تفتديَ نفسها بالتنازل عن بعض حقها؛ لأنه لا يجوز لها أن تمكنَ نفسَها، وهي تعلم أنها مطلقةٌ طلاقًا بائنًا، لكن لا يحكم على الزوجِ بالطلاقِ إلا ببينةٍ أو إقرارٍ منه، وليعلم الزوج فيما يتعلق بالطلقتين الواقعتين في حال الغضب- أنَّ عدم وقوع الطلاق متوقِّفٌ على صدقِه فيما أخبرَ به، مِن عدمِ إدراكه لما وقعَ منه مِن التلفُّظِ بالطلاقِ، أمَّا إن كان الواقعُ خلافَ ما ذَكَر، بأن كان مدركًا لما وقَع منه من الطلاقِ؛ فإنّ هذه الفتوى لا تفيدُه؛ والطلاقُ لازمٌ له. والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

حسن بن سالم الشريف

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

11//ذو القعدة//1445هـ

19//05//2024م 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق