بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5931)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا متزوج من امرأتين، عندي من الأولى خمسة أبناء، وقد وقعت بيني وبينها خصومة كبيرة، تسبب فيها ابننا ذو السبع سنوات، فأمسكته وهددته بأني سأرميه من النافذة بسبب فتنته، ثم رجعت ورميته على الأرض، فجاءتني أمّه ممسكة بـ(شيـتّـة) وهددتني بها، فصُدمْت من موقفها، ولم أدر ما أفعل، وخشيت أن أضربها فأضرها من فرط غضبي، فقلت لها: (أنت طالق طالق طالق بالثلاثة وحارمة عَلَيَّ)، وخرجتُ، ولم أدرِ كيف صدر مني هذا الكلام، ولم يكن في نيتي أن أطلق، وأنا الآن نادم، ولا أريد أن أظلمها أو أظلم أولادي، فأفتوني في هذه الواقعة مأجورين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن عامّة العلماء، في المذاهب الأربعة المشهورة وغيرها، على أنّ طلاق الثلاث في كلمةٍ واحدة؛ يلزمُ منه الثّلاث، وحكى كثير من العلماء الإجماع على ذلك، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَماؤُنا: وَاتَّفقَ أَئمةُ الفَتْوَى عَلى لُزومِ إِيقاعِ الثّلاثِ في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ…” [الجامع لأحكام القرآن: 3/129]، وممن حكى الإجماعَ ابن المنذر الإمام المجتهد، وأبو بكر الجصاص الحنفي، وأبو محمد الباجي المالكي، وابن حجر العسقلاني الشافعي، وابن رجب الحنبلي، رحمة الله عليهم جميعًا.
والطلاق في حال الغضب يلزم إنْ كان الزوج يعي ما يقوله، قال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الغَضْبَانِ وَلَو اشْتَدَّ غَضَبُهُ… مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ” [بلغة السالك 2/351].
عليه؛ فتكون الزوجة قد بانت مِن زوجها بينونةً كُبرى، بمجرد قوله: (أنت طالق طالق طالق بالثلاثة)، ولا أثر لشدة غضبه، ولا لهول الصدمة، ولا لكونه لم ينوِ الطلاق؛ وذلك لكونه واعيًا بما قاله حينها، واستخدم لفظا صريحا في الطلاق كرره ثلاث مرات وأكده بقوله بالثلاثة وحارمة عليّ؛ فلا تحل له الزوجة حتى تنكحَ زوجًا غيره نكاحَ رغبةٍ، ثم يطلقَها، أو يموت عنها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
حسن بن سالم الشريف
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
19/شعبان/1446هـ
18/فبراير/2025م