بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1808)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
طلقت زوجتي، ثم راجعتها، ثم طلقتها، ثم راجعتها، ثم طلقتها الثالثة، فهل لي إرجاعها؟ علما بأن زوجتي بها مس، فلا تعي ما تقول، وعندما طلقتها كنت في حالة غضب.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الطلقة الثالثة التي يقول السائل: وقعت منه في الغضب، إن كان وقت غضبه يعي ما يقول، فالطلاق واقع عليه، ولو كان الغضب شديدًا؛ لحديث خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت رضي الله عنها: (أنها راجعت زوجها، فغضب، فظاهر منها، وكان شيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر، وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت تشكو إليه ما تلقى من سوء خلقه، فأنزل الله آية الظهار، وأمره رسول صلى الله عليه وسلم بالكفارة) [ابن ماجه:2063]، فألزمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتكفير عن الظهار الذي أوقعه في حال الضجر والغضب، ولم تسقط عنه الكفارة، والطلاق كالظهار، وتكون المرأة قد بانت منه بينونة كبرى، ولا يحل له ترجيعها إلى أن تنكح زوجًا آخر؛ لقول الله تعالى: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) [البقرة:230]، وأما إن كان السائل لا يعي ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه؛ فالطلاق الثالث غير واقع؛ لأنه في حكم المجنون فاقد العقل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) [الترمذي:1423، أبو داوود:4401، ابن ماجه:2119]، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) [ابن ماجه: 2036، أحمد: 314/53]، وقال الصاوي رحمه الله: “يلزم طلاق الغضبان، ولو اشتد غضبه، خلافًا لبعضهم، وكل هذا ما لم يغب عقله، بحيث لا يشعر بما صدر منه، فإنه كالمجنون” [بلغة السالك:351/2]، وله إن كان كذلك أن يرد المرأة بعقد جديد، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
2/جمادى الأولى/1435هـ
2014/3/3م