العفو عن الجاني
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (744)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قُتِلَ ولدي برصاص أحد المجرمين، وهو يقوم بواجبه في إحدى البوابات التابعة للدولة، فهل يحق لي العفو عن هذا المجرم؛ طلباً في عفو الله، وجنة عرضها السماوات والأرض؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالعفو عن الجاني مرغب فيه شرعاً، إذا لم يكن الجاني ممن اشتهر بالإجرام وسفك الدماء، والفتك بالناس، والفساد في الأرض، فمن كان على هذه الصفة، فسبيله القصاص، وإراحة الناس من شره؛ لقول الله تعالى: )وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ(، أما من لم يكن كذلك، فالعفو عنه أفضل، والأجر عليه عظيم، قال تعالى: )فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهْوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ(، وقال عز وجل: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ(، وقال: )وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى[، [سورة البقرة، الآية (237)]، وجعل الله العفو والصفح سبباً لمغفرة الله للإنسان، فقال جل جلاله : )وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، [سورة التغابن الآية (14)]، وقال سبحانه: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، [سورة آل عمران الآية (134)]، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من رجل يجرح في جسده جراحة، فيتصدق بها، إلا كفر الله تبارك وتعالى عنه مثل ما تصدق به)،[رواه أحمد برقم (22093)]، وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاث أُقسم عليهن، وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظُلِمَ عبدٌ مظلمةً صبر عليها، إلا زاده الله عزاً، فاعفوا يعزكم الله، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر)، [رواه الترمذي برقم (4577)].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17/صفر/1434هـ
2012/12/30