طلب فتوى
الفتاوىقضايا معاصرة

الفساد المالي في المؤسسات والإدارات والشركات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3107)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

أنا (م)، رأينا بالهيئة – من خلال عملنا ومتابعتنا لعدة قضايا – فسادا في الإدارات، وإهدارا للمال العام، وقد قمنا مؤخرا بمتابعة الشركة القابضة للكهرباء، والشركات المملوكة لها، ولاحظنا خلافات فيما بينهم، تؤثر على المصلحة العامة، وبالأخص الشركة الأفريقية للمشروعات الكهربائية والميكانيكية، وأتت هذه المشاكل لتقسيم الشركة بين شرق وغرب، وقد تمت مراسلتنا بالخصوص من قبل مصرف ليبيا الخارجي، وقد أَطْلَعَنا – حرصًا منه – على هذه المخالفات، فقُمتُ بصفتي رئيسًا لإدارة رقابة النفط والطاقة، بتكليف أعضاء من موظفي الرقابة لمتابعة الشكوى، وخلال المدارسة والاطلاع والبحث، وبناءً على نص قانون الرقابة الإدارية أوصوا بتجميد حسابات الشركة، وإيقاف مديرها العام إيقافا احترازيا، وقمت بالموافقة على ما خلصتْ إليه اللجنة، وأحلتُ القرارَ إلى مديرِ عام الرقابة على الشركات، وذلك حسب التسلسل الإداري المعتبر، وطلبنا منه إيقاف حسابات الشركة، فرفض البتَّ في الموضوع واتخاذ أي إجراء حيال هذه المخالفات؛ لأسباب مجهولة.

عليه؛ فإنّنا نطلب مِن سيادتكم إفادتنا بالبسط في أمثال هذه المخالفات، والسلبية المقيتة لبعض المسؤولين، وتحجج بعضهم بالحالة الأمنية المنفلتة؛ لعدم اتخاذ قرارات ضد المفسدين، مما قد يؤدّي إلى إفلاسِ وانهيارِ الجهات والإدارات الخاضعة للأجهزة الرقابية، وتمادي المفسدين والمتحايلين على قوت الليبيينَ والمال العام.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن ما يقومُ به أعضاء الرقابة الإدارية وغيرهم من أجهزة الرقابة في الدولة من تتبع المخالفات الإدارية والقانونية والفساد المالي في أجهزة الدولة لمن أفضل الأعمال التي تقرب إلى الله؛ لأنه من الإصلاح العام الذي أمر الله به، وقطع الفساد، قال تعالى: )وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ( [القصص:77]، والتهاون في ذلك، والتستر على التجاوزات والاختلاسات من الخيانة للأمانة؛ قال الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ( [الأنفال:27]، ومن الغش للرعية الذي يستوجب النار، قال صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عبد يسترعيه اللهُ رعيةً يموتُ يوم يموت وهو غاشّ لرعيته إلا حرَّم الله عليه الجنة) [مسلم:1459/3]، ومن التخوض في مال الله بغير حق، قال صلى الله عليه وسلم: (إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة، لا يبالي أخذ من حلال أو من حرام) [البخاري:351]، والمتستر على المختلس مختلس، وعلى الخائن خائن، وعلى المرتشي مرتشٍ، وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من يتولى ولاية ولا يقوم بها على وجهها، فقال صلى الله عليه وسلم لمن سألها: (إنّها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها) [مسلم:1825]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

                                    

                              

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06/صفر/1438هـ

06/نوفمبر/2016م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق