طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

الهبة التي لم تحز في حياة الواهب غير نافذة شرعًا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1805)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

اشترى والدي مزرعة، وعند الشراء طلب مني أن أذهب معه، فذهبتُ، فقام بتسجيلها في العقد وفي السجل العقاري باسمي، وأعطاني مبلغًا ماليا، وطلب مني أن أقوم بتسييجها، وحفر بئر فيها، وبناء استراحة له، ومنزل لي، ففعلتُ، وتزوجت في هذا البيت، وكان الوالد يتردد على هذه المزرعة، ويبيت في الاستراحة، ويتصرف فيها كما يشاء، ولم يصرح لي بأن هذه المزرعة ملك لي، وقبل وفاته بستة أشهر أظهر لي رغبته في إعطاء أخواتي البنات ألف متر مربع من المزرعة، وطلب مني تحديد مكانه، وبقي الحال على ما هو عليه إلا أن مات، وطالبني الورثة بحقهم الشرعي من هذه المزرعة، فهل هذه الأرض تعدّ هبة؟ وهل للورثة الحق فيها وفي المنزل الذي أقطنه؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ التنازل المذكور يعدّ هبة، والهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب، وذلك بأن يتصرف الموهوب له في الهبة تصرف الملَّاك في حياة الواهب؛ كي تتحقق الحيازة الشرعية التي ينتقل بها الملك، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: (ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث) [الرسالة:117]، وفي الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحدٌ أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز عليّ فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله” [الموطأ:2202].

والحيازة في العقار – من بيت ونحوه – تكون بتخلية البيت للموهوب له، قال مالك رحمه الله: “من حبس على صغار ولده [يعني: أبناءه الصغار] دارًا، أو وهبها لهم، أو تصدق عليهم، فإن حوزه لهم حوز، إلا أن يكون ساكنا فيها كلها أو جلها حتى مات، فيبطل جميعها” [التاج والإكليل:639/7]. وهذا ليس متوفرًا في حالتك ـ كما هو الظاهر من السؤال ـ إلا في البيت الذي تسكنه.

عليه؛ فإن هذه الهبة غير نافذة شرعًا، وتدخل المزرعة الذي تركها المتوفَّى في جملة التركة، ويقسم على كل الورثة حسب الفريضة الشرعية، أمّا بالنسبة للبيت الذي تزوجت فيه وتسكنه، فهو هبة من والدك لك؛ لتمام الحيازة بسكناه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

أحمد محمد الغرياني

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26/ربيع الآخر/1435هـ

2014/2/26م

                      

                                      

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق