بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5768)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
اشترى (م م ح) قطعة أرض، وبنى عليها منزلَ سكنِه، ولكنه اشتراها باسم شقيقه الأكبر (ف م ح)، وذلك خشيةَ أن تغتصب منه، وحين توفي (ف م ح) عام 2022م وجد ابنه (ز) عقد شراء الأرض، فأخبر عمه (م م ح) بذلك، فأمره عمه أن تتنازل له أمه وأختاه لتصير الأرض باسمه، فلما تنازلن له -لإقرارهن بأن الأرض ملك (م م ح)- أخبر (ز) عمَّه بأن التنازل قد تم، وصار بإمكانه أن يتنازل عليها لعمه؛ لترجع أوراق الأرض لمالكها الأصلي وتصفو له قانوناً، فقال له عمه: “أبقِ الأمر على ما هو عليه، فإنما أردتها أن تكون باسمك”، وبقي (م م ح) ساكنًا في منزله حتى توفي عام 2024م، قبل أن يتزوج، وليس له من وارث سوى أخته الشقيقة (ط)، وابن أخيه (ز) المذكور، فهل هبته الأرضَ لابن أخِيهِ (ز) صحيحة نافذة، أم ترجع ميراثا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالظاهر من تصرف العم صاحب الأرض (م م ح)، أنه يريد هبة الأرض بمنزلها لابن أخيه، وشرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، روى الإمام مالك في الموطأ عن عائشة رضي الله عنها؛ أن أبا بكر رضي الله عنه قال لها حين حضرته الوفاة: (وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسَقاً، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحتَـزْتِـيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ) [الموطأ: 2202].
والحيازة تكون في كل شيء بحسبه، فحيازة العقار تكون بتخلية الواهب له وإفراغِه من متاعه وشواغله، وتصرفِ الموهوب له فيه تصرفًا يدل على التملّك، كأنْ يحرثَ الأرض أو يبنيَ عليها، أو يسكنَ المنزل أو يُكرِيه، ونحو ذلك من التصرفات الدالة على التملك.
وما دام الواهب (م م ح) قد بقيَ ساكنا في منزله حتى توفاه الله، فإنّ هذه الهبة باطلة، وترجع الأرض بالمنزل المُقَامِ عليها ميراثًا، يقتسمه الورثة على حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14/ربيع الأول/1446هـ
17/09/2024م