الهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4998)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ترك أبي عدة أملاك، ومنها أرضٌ اشتراها مناصفةً مع أمي، ثم قامَ بالتنازل عنها للذكور حال حياته، سنة 1997م، ووثقت بإجراءاتٍ رسمية، ولم تتم حيازة الأرض من أيِّ أحدٍ، والآن نريدُ قسمة هذه الأملاكِ والأرض على الفريضة الشرعية، فكيف تتم القسمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن التنازل المذكور يعدّ هبة، والهبة شرطها حصول الحيازة في حياة الواهب، واختصاص الموهوب له بالتصرف فيها تصرف الملاك في حياة الواهب، برفعِ يدهِ عنها بالكلية، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولاَ تَتِم هِبَة، وَلَا صَدَقَة، وَلَا حُبُسٌ، إِلاّ بِالحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ فَهِيَ مِيرَاث” [الرسالة: 117]، والحيازة كما قال أبو الحسن المنوفي رحمه الله: “هِيَ وَضْعُ اليَدِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ التَّصَرُّفُ” [كفاية الطالب الرباني: 482/2].
عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن الأرض تقسم نصفين؛ نصف للأب، ونصف للأم، وما وهبه الأب غير نافذ؛ لعدم حيازة الأبناء له، ويرجع نصفه من الأرض مع غيره من الأملاك تركةً، يقسم على جميعِ الورثة الأحياءِ يومَ وفاته بما فيهم زوجته، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
13//ربيع الأول//1444هـ
09//10//2022م