طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالهبة

الهبة على الشيوع يشترط لصحتها الحيازة

هبة باطلة غير نافذة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4636)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفيت والدتي، ولها أراضٍ نصيبُها مِن تركةِ أبيها، وكانت أمي قد أقرت عند محرر العقود بأن تقسمَ تركتها مِن إحدى هذه الأراضي -التي لا تزال على الشيوع مع إخوتها- بالتساوي بين أبنائها الذكور والإناث، فما الحكم في ذلك؟

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ تبرعَ الشخص بنصيبه مِن تركةٍ لم تقسمْ بعدّ هبةً على الشّيوع، ويشترطُ لصحتها الحيازة، وهي تحصلُ بتصرف الموهوبِ له مع الشركاء كأنّه واحد منهم، بأخذ الغلة والارتفاقِ بالمنافع ونحو ذلكَ مِن غرس أو بناء، قال الونشريسي: “كُلُّ مَنْ وَهَبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَى -أي الموهوب له- احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 9/196]، فإنْ لم تحصلِ الحيازة رجع الموهوبُ تركةً، يقسمُ حسب الفريضة الشرعية، جاء في الموطأ: (أنّ أبا بكر الصديق كان نَحَلَ عائشة جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلَا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ …) [الموطأ: 1474].

عليه؛ فإنْ كان الواقع ما ذكر في السؤال، ولم ينتفع أحدٌ مِن الأبناء مع الشركاء بنصيبِ الأم مِن الأرض المشاعةِ، فإن الهبة تعدُّ باطلةً، وترجعُ كباقي التركة، تقسمُ بين جميع الورثة، حسبَ الفريضة الشرعية؛ للذكر مثلُ حظّ الأنثيين، والله أعلم.

وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07//صفر//1443هـ

14//09//2021م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق