بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3907)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصى أبي بالمصنع والمزرعة للأولاد الذكور دون البنات؛ لأننا نعمل معه في المصنع والبنات لا يعملن، فالمصنع من حقنا، وقد أخذنا أرباح المصنع، وعملنا فيه بعد وفاته لمدة ثلاثين (30) سنة، وأعطينا البنات إرثهنّ من المزرعة، لكن لم نعطهنّ إرثهن من المصنع، فهل لهن حق في المصنع؟ وكيف العمل في الأرباح السابقة؟
علمًا بأننا نعمل في المصنع والبنات لا يعملن.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان الحال كما ذكر، فالوصية باطلة بإجماع العلماء؛ لأنها وصية لوارث، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَى كُلّ ذِي حَقٍّ حَقّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [الترمذي:2120]، ويقسم المصنع حسب الفريضة الشرعية، وأما عمل الأبناء فيه بعد موت أبيهم فهو عمل في مال مشترك بين الورثة هم فيه بحصصهم من الميراث شركاء مع البنات، وبعملهم فيما ينوب البنات من التركة يعطون أجرة المثل، وتتم المحاسبة على ذلك طيلة السنين الماضية بعد موت الأب، والفترة التي كانت في حياة أبيهم يعطون فيها أجرة المثل؛ إذا لم يكن لهم مع أبيهم اتفاق آخر، قال الدسوقي رحمه الله: “وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا مُحَصِّلُهُ: لَوْ عَمِلَ أَوْلَادُ رَجُلٍ في مَالِهِ في حَالِ حَيَاتِهِ مَعَهُ أَوْ وَحْدَهُمْ وَنَشَأَ مِنْ عَمَلِهِمْ غَلَّةٌ كَانَتْ تِلْكَ الْغَلَّةُ لِلْأَبِ، وَلَيْسَ لِلْأَوْلَادِ إلَّا أُجْرَةُ عَمَلِهِمْ يَدْفَعُهَا لَهُمْ بَعْدَ مُحَاسَبَتِهِمْ بِنَفَقَتِهِمْ وَزَوَاجِهِمْ إنْ زَوَّجَهُمْ فَإِنْ لَمْ تَفِ أُجْرَتُهُمْ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالْبَاقِي إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ لَهُمْ بِمَا ذُكِرَ مِنَ النَّفَقَةِ وَالزَّوَاجِ، وَهَذَا إنْ لم يَكُنْ الْأَوْلَادُ بينوا لأبيهم أَوَّلًا أَنَّ ما حَصَلَ من الْغَلَّةِ لهم أو بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ، وَقَرَّرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اتَّجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ في التَّرِكَةِ فَمَا حَصَلَ مِنَ الْغَلَّةِ فَهُوَ تَرِكَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إنْ لم يُبَيِّنْ أَوَّلًا أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ أَوَّلًا كَانَتِ الْغَلَّةُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَهُ مُوَرِّثُهُمْ” [حاشية الدسوقي: 3/465]، وبذلك يتحقق العدل الذي أمر الله به بينهم وبين أخواتهم، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14/شوال/1440هـ
17/06/2019م