الوصية لوارث باطلة غير نافذة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5327)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أوصى رجلٌ؛ أن يكون الجناح العلوي من الدور الأرضي من منزله بعد موته لبناته، حتى وفاة والدتهن، بشرط أن لا يتصرفنَ فيه بالتوريث والإيجار والسكن، مع أزواجهن وأبنائهن، وبالبيع إلَّا لأحد أشقائهن الذكور، دون إكراه وإجحاف لهن في الثمن، كي يكون ملاذًا لمن لم تتزوج، أو ترملت، أو طلقت، وأن يكون الجناح السفلي لزوجته وابنيه الذكور، بنفس الشروط السابقة في الجناح العلوي، حتى وفاة زوجته، فيؤول إلى أحد أبنائه الذكور، مقابل أن يعطي شقته إلى أخواته البنات، وأن تكون الشقتان اللتان بالدور الأول والسطح لابنيه الذكور، مناصفة بينهما، وتكون الحديقة وموقف السيارات المحيط بالدور الأرضي وصالة الضيافة وما يتبعها من دورة مياه وطرقة لابنيه الذكور، فما الحكم الشرعي في هذه الوصية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فهذه الوصية باطلة لأنها وصية لوارث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [أبوداود: 2870]، وإذا تراضى عليها جميع الورثة بعد موت المورث فلهم أن يمضوها؛ لما جاء عند الدارقطني رحمه الله في الحديث المتقدم: (إِلّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ) [سنن الدارقطني: 89]، وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: “السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلَافَ فِيهَا؛ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ” [الموطأ: 503].
عليه؛ فإن هذه الوصية لا تصحُّ، وتكون موقوفةً على إجازة جميع الورثةِ، فإن تراضى جميع الورثة على العمل بهذه الوصية -دون إجبار أو إكراه لأحد منهم- جاز العمل بها، وإن كان العمل بالوصية يجحفُ بنصيب البنات -والشأن سكوتهن حياء أو خوف القطيعة من إخوتهن- وجب إعطاؤهن نصيبهنَّ حسب الفريضة الشرعية كاملًا، ولا يحل أخذ شيء من حقهنّ في الميراث، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23//ربيع الأول//1445هـ
08//10//2023م