بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1273)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
من باع أرضا وقبض جزءا من الثمن، ثم رفض بعد يومين قبض بقية الثمن؛ لطروء مشتر بسعر أعلى، فهل يلزمه إتمام البيع وقبض الثمن؟ علما بأن المشتري أحضر باقي الثمن في الزمن المحدد، والبيع موثق عند محرر عقود، كما هو مبين في الوثائق المرفقة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من باع شيئا يملكه برضاه بإيجاب وقبول انعقد بيعه، ولزمه إتمامه، ولو لم يقبض شيئا من الثمن؛ لأن ملك المبيع انتقل إلى المشتري بالإيجاب والقبول، قال خليل رحمه الله: “وينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن بمعاطاة”[المختصر:168]، وقال الباجي رحمه الله: “ليس للإيجاب والقبول لفظ معين وكل لفظ أو إشارة فهم منه الإيجاب والقبول لزم به البيع وسائر العقود”[المنتقى:358/3]؛ لذلك فلا يجوز للبائع بيعه مرة أخرى؛ لأنه باع ملك غيره، وهو من بيع الفضولي الذي لا يمضي إلا بإذن المالك للعقار (وهوالمشتري الأول)، فله أن يأذن بذلك ويأخذ الثمن الذي دفعه المشتري الثاني ويسلمه العقار، وله أن يرفض ويتمسك بعقاره، وليس للبائع الأول إلا باقي الثمن الذي باع به العقار للمشتري الأول، قال ابن جزي رحمه الله: “فأما الشراء لأحد بغير إذنه أو البيع عليه كذلك فهو بيع الفضولي فينعقد ويتوقف على إذن ربه”[القوانين الفقهية:163]، ويستحب للمشتري إقالة البائع؛ بأن يرد له عقاره ويسترد ما دفع؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أقال مسلما أقاله الله عثرته يوم القيامة)[ابن ماجه:2283]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمدعلي عبدالقادر
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الغرياني
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
11/رجب/1434هـ
2013/5/21م