طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصاياالهبةالوقف

بطلان الوقف بالسكنى فيه وعدم إخلائه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5405)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أمتلكُ منزلا من طابقين، كل منهما منفصلٌ عن الآخر، أسكن في الأرضي منهما، وتسكنُ في العلويِّ عائلة، تدفعُ إيجارًا شهريًّا، أُخرجُه في وجوه الخير، فهل يجوز لي أن أحبِّس الطابق العلوي، بأن أُؤَجِّرَهُ وأصرفَ الغلة على الفقراء والمساكين ونحو ذلك؟ وهل يجوز أن أوصي بتحبيس الطابق الأرضي الذي أسكن فيه، حيثُ سأكلف شخصًا بالإشراف على ذلك بعد وفاتي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ مَن وقّف شيئًا -بيتًا أو غيره- لم يصحَّ وقفُه إلا إذا انتقلَ منه وأخلاه، ورفع يده عنه قبل حصولِ مانعٍ من موانع الوقف، قال الصاوي رحمه الله: “وَبَطَلَ الْوَقْفُ … (‌أَوْ ‌لَمْ ‌يُخْلِ) أَيْ لَمْ يَتْرُكِ الْوَاقِفُ (بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْمَانِعِ؛ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ، وَيَكُونُ مِيرَاثاً، فَإِنْ أَخْلَى قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَاءَ الْمَذْكُورَ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ” [الشرح الصغير: 2/304].

والوصية بالوقف مقيدة بثلث المال كغيرها من التبرعات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ، عِنْدَ وَفَاتِكُمْ، بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ، زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ) [ابن ماجه: 2709]، ولا تجوز الوصية بأكثر من الثلث؛ لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وقد أراد أن يوصي بماله كله: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [البخاري: 2742]، ويُردّ ما زاد على الثلثِ، إلّا إذا أجازه الورثة؛ فعن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى اللله عليه وسلم، فَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً، وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا) [مسلم: 1668].

عليه؛ فيجوز للسائل وقف الطابق العلوي إذا أراد، وأما وقف الطابق الأرضي الذي يريد أن يوصي به، فتصح الوصية بوقفه إن كانت قيمته تعدِل ثلث التركة فأقل، فإن زادت قيمته على الثلث، فهي موقوفة على إجازة الورثة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15//جمادى الأولى//1445هـ

29//11//2023م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق