طلب فتوى
2013البياناتصادر الدار

(بيان المجلس العام لدار الإفتاء بشأن تداعيات الأحوال الأمنية في البلاد)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وبعد:

      فقد دُعي المجلس العام للإفتاء برئاسة المفتي العام إلى جلسة طارئة في الدار، بتاريخ: 13 شوال 1434هـ، الموافق 21 أغسطس 2013م .

وذلك بناء على شكاوى التظلم الأمنية الكثيرة، المرفوعة إلى الدار من المواطنين؛ أفرادًا ومؤسساتٍ ومستشفيات، وتداعياتها على الأمن العام، وأهداف الثورة المباركة.

     واستنادا على ما لم يَعد خافيا عن أحدٍ، مِن الانتهاكات الخطيرة، المتمثلةِ في صورٍ عديدة مؤلمة، منها على سبيل المثال:

طرقٌ غير آمنة! مستشفياتٌ تَقفل أبوابها تحت ضربات المجرمين والمخمورين!

سلبٌ ونهبٌ وحرابةٌ على قارعة الطريق!

اغتيالات وتفجيرات تخطف الأرواح!

 

مجرمون يهرَّبون من السجون إلى خارج البلد!

ومعسكرات تُنهب معداتها ومستنداتها!

     سطوٌ غير مسبوق على مقدرات الشعب الليبي كلّه (النفط)، باستيلاء مجموعةٍ مسلحة عليه، ومنع الدولة من تصديره، لتبيعه هذه الجماعة خارج رقابة الدولة لصالحها، في تحدٍّ سافر! كل ذلك باسم حماية النفط، وحراسته، والحرص عليه!!

     ومجلسُ دار الإفتاء، وهو يَأسف بشدة لما يحدث، يقرر – حفاظًا على دماءِ الناس وحرماتِهم وممتلكاتِهم، وحمايةً للممتلكات العامة من العبث – يقررُ ما يلي:

أوّلا – تنوه دار الإفتاء إلى أنها جهة مستقلة في فتاويها وقراراتها، ولا تمثل أي جهة سوى الحق.

ثانيا – لا يحق شرعًا لأيّ جماعة، أو جهةٍ، أو مؤسسة في البلد، أيًّا كان انتماؤُها الفكري، أو أن تسمي نفسها إسلاميًّة أو غيرَ إسلاميّة، وأيًّا كان وجودُها المكاني، في شرق البلد أو غربها أو جنوبها، وأيًّا كانت مبرراتها، مِن فاقةٍ و حرمان وتظلّم؛ أن تستغلَّ في هذا الظرف غيابَ القانون، لتحقيق مكاسبَ بالقوة، بالقتل أو التفجيرات والعنف، أو تدعوَ إلى فُرقة أو جِهوية أو تقسيمٍ للبلد، تحت أيِّ اسمٍ؛ فدراليةٍ أو غيرِها، لأن الليبيين لم يقدموا أرواحهم ودماءهم الزكيةَ من أجل دعوة الأمم المتحدة لتقسيم البلاد؟!

 

ثانيًا – لقطعِ الطريق على هذه المخططات الكيدية التي تهدد أمن الدولة، يتوجبُ على الليبيين جميعًا التمسكُ بالمؤتمر الوطني العام، واعتبارُه وليّ الأمر الذي يمثل الشرعيةَ، وتجبُ طاعتُه؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).

 

ثالثًا – على الثوارِ الذين كلَّفهم المؤتمر الوطني العام بحفظ الأمن، أن يُرُوا الناسَ مِن أنفسِهم خيرا، ويَكونُوا في مستوى المسؤوليةِ التي حُمّلوها؛ أمانةً ووفاءً وانضباطًا، وحفاظًا على ممتلكات الناس وأرواحهم وحرماتهم، وألّا يتهاونُوا في حفظ الأمن، فإن أرواحَ المواطنين وممتلكات الدولة أمانةٌ في أعناقهم، بعد أن عجزت أجهزةُ الحكومةِ عن حفظها، وكلُّ مَن يَعوقُهم في تحقيق ذلك بقوة السلاح، يُعَد باغيًا متعدّيًا على شرعيةِ الدولةِ، يحلُّ قتالُه؛ لقول الله تعالى: (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ).

وعليهم أن يكونوا النواة الصالحة لبناء جيش وطني نسعى إلى بناءه.

رابعًا – إذا أردْنا أن يرفعَ الله عنّا البلاءَ، ويكفّ عنّا بأسَ الذين ظَلموا، ممن ينتهكون الحرمات، ويقتلون الأبرياءَ، وينهبُونَ الأموالَ، ويخطفون النساءَ، فعلينا أن نتوبَ ونرجعَ إلى الله، فإنه لم تنزلْ عقوبةٌ إلا بذنب، ولم تُكشف إلا بتوبة، التوبةُ العاجلة من الرّبا، التوبة مِن الخمور والمخدرات، التوبة من التجارة في السلاح، التوبة من نهب الأموال العامة، التوبةُ من نفاق السياسة، التوبةُ من التضليلِ الإعلامي في “الفيس بوك” والقنوات الفضائية، التوبةُ من التعصبِ للقبلية والجهوية والمحاصّة في المناصب على حسابِ الوطن، توبةُ المسؤولِ والوزيرِ والكبيرِ، الذي يَرى التعدّي والتجاوزَ ويسكتُ، أو يتستر عليه، فإن المُتسترَ شريكُ الجاني، توبةُ الموظّف الذي يأكلُ ماله بالباطل، يأخذُ مرتبَه ولا يعمل، أو يعملُ القليل ويأخذُ الكثير، ويرى ذلك ربحًا وغُنمًا.

 

خامسًا – امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن لم يهتَمّ بأمرِ المسلمينَ فليسَ منهمْ)، فإن المجلسَ يَرى أنَّ ما يَجرِي حولَنا في مصرَ، مِن إفراطٍ غيرِ مسبوقٍ في استعمالِ آلةِ القمعِ والبطشِ والقتلِ، ليسَ إلا لونًا مِن انتقامِ الثورة المضادةِ مِن الشعبِ المصريِّ بأكملِه، عنِ انتفاضةِ 25 يناير، لَا كَما يُرَوّج له على أنَّه لِإزاحةِ نظامِ (الإخوان)، فنظامُ الإخوان – حتى وإن اختلف معه غيره – لم يرَه أحدٌ يقتلُ الناسَ في الميادينِ بالمئاتِ، ولم يَفرض الأحكامَ العرفيةَ في البلادِ بالحديد والنار.

سادسًا – على الليبيينَ أن ينتبهوا إلى تضليلِ (الفيس بوك)، وتضليلِ الإعلامِ في بعضِ فضائياتهِ – و الذي جَرّوا إليه للأسف بعضَ الخَيّرين – وهو وصفُ كلّ مَن يدعو إلى الحق أو إلى تحكيم الشريعة بأنه (إخواني)، فجعلوا من كلمة (إخوان) فزاعةً لترهيب الناس، وتأليبِهم على الدينِ، تمامًا مثلَ استعمال الغرب لكلمة (إرهاب)، التي لم يضعوا لها تعريفًا إلى حدّ الآن، ليبقى معنى الكلمةِ فضفاضًا واسعًا، مناسبا لكلّ مقاسٍ، يصلحُ أداةً للبطشِ بكل من ينتمي إلى الإسلامِ ويتبناه.

سابعا – يطالب مجلس دار الإفتاء المؤتمر الوطني العام بإصدر قانون ينظم الإعلام، تُرعى فيه حرماتُ الناس، ويمنع التشهير بهم والاعتداء على مقدساتهم، ويكف عن إثارة الفتن، و يحاسبُ من يبث الأكاذيب و ينشر الأخبار دون أن يتحقق منها.

ثامنًا – يطالب المجلسُ المؤتمرَ الوطنيّ العام بالإسراع في محاسبة كل الوزراء والمسئولين – السابقين أو الحاليين – على كلّ ما صُرف أثناء فتراتهم الوزارية من ميزانيات وأموال طائلة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لذلك.

    ويوصي المجلس بقوةٍ وزارة الأوقاف بتفعيل دور المساجد، وذلك باختيار الخطباء والأئمة والدعاة الذين يحافظون على جمع الكلمة ووحدة الصف وعلى شرعية الدولة وتحقيق أهداف الثورة من إقامة الدين ووحدة الوطن ومحاربة الفساد.

أعضاء مجلس دار الإفتاء

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق