طلب فتوى
2013البياناتصادر الدار

بيان دار الإفتاء رقم (10) بخصوص الإعلان عن تحري رؤية هلال شهر شوال لعام 1434هـ.

                                        بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ                                                                  

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛

    فقد دعت دار الإفتاء المواطنين في أنحاء المدن الليبية إلى تحرى رؤية هلال شوال،

والإدلاء بشهاداتهم لدى المحاكم المختصة.

كما دعت دار الإفتاء الفريق المتخصص برصد الأهلة الخاص بالدار، المزود بالمناظير والمراصد الحديثة المتطورة، دعتهم إلى تحري الرؤية في عدد من المدن الليبية، وذلك عند غروب الشمس لهذا اليوم الأربعاء، التاسع والعشرين من رمضان عام 1434هـ، الموافق للسابع من الشهر الثامن 2013م.

ولم يتقدم أحد إلى المحاكم التي فتحت أبوابها لهذا الغرض، بشهادة تثبت رؤية الهلال.

ونظرًا لمكث الهلال في الأفق هذه الليلة بعد غروب الشمس مدة كافية، في بعض الدول العربية والإسلامية المجاورة، ولصدور أحكام قضائية من بعضها الآخر بثبوت الرؤية الشرعية للهلال؛

     فإن دار الإفتاء تعلن للمواطنين أن غدا الخميس الثامن من شهر أغسطس 2013م هو أول أيام عيد الفطر المبارك لعام 1434هـ.

وذلك لقول النبي : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) . )، الدال على عموم الصوم والفطر في كل البلاد الإسلامية المتقاربة، إذا ثبت في

بعضها الآخر.

 

   وبهذه المناسبة السعيدة فإن دار الإفتاء تهنئ المواطنين الكرام، والأمة الإسلامية كافة بعيد الفطر المبارك، وأدعو الله تبارك وتعالى أن يتقبل الصيام والقيام، ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين ويجمع كلمتهم على الحق والهدى وأن يحقن الدماء.

المسلمون جميعا مدعوون في هذا الوقت، أكثر من أي وقت آخر، أن يتقوا الله في الدماء، فقد استسهل الناس القتل، واجترؤا عليه، سواء في هذه البلاد وفي غيرها من بلاد المسلمين، فإن النبي يقول: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)، شبَّه النبي حال القاتل – لعظم جرمه وكبير إثمه – بحال من ترك الإسلام

 

       وصار إلى الكفر. أما اختطاف أحدٍ من الطريق العام لقبلية وعصبية، أو توقيفه لاستلاب ماله، أو سيارته ، تحت التهديد بالسلاح، أو اختطافه لطلب فدية مالية من أهله، فهذا كله في حكم الله تعالى وشرعه يدخل في باب الحرابة وقطع الطريق، الذي توعَّد الله أصحابه بأشدِّ العقاب وبعذاب النار، قال تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.

    والبلدُ في الأيام الأخيرة، مرت وتمر بموجة عنف قاسية شديدة، وهي أزمة ستمر ونجتازها بإذن الله، كما اجتزنا غيرها بسلام، بفضل الله وحده، ثم وحدة الصف وجمع الكلمة والثبات على المبادئ.

وهي موجةُ عنف نراها متزامنة مع العنف الذي يجري في البلاد المجاورة؛ في تونس وفي مصر، الأمر الذي يشير إلى أن الثورات المضادة تعمل بتعاون مشترك، وبخطة واحدة لإفشال هذه الثورات، ويبين بوضوح أن هذه الثورات المضادة هي وراء كلّ ما يجري من أعمال العنف وعدم الاستقرار في بلادنا وفي غيرها.

     فعلينا أن ننتبه لما يجري، وألّا ننجر إلى فوضى الانقلابات عن الشرعية بدعاوى بعضها حق مثل تردي الأوضاع، وضعف الأداء ، ونهب الأموال وانعدام الخدمات والتهميش وانقطاع الكهرباء واتساع دائرة العنف وهذا كله لا نرضى به ونطالب بمحاسبة المسؤولين عنه وبعضها إشاعات مثل ادعاء سرقة النفط، المقصود منها بلبلة الرأي العام وتذمر الناس، حتى يمهد أعداء الثورة لأنفسهم الوصول إلى ما يريدون، للاستيلاء على البلد.

     فعلينا أن ننتبه، وألا نكون معاول هدم تخدم أعداء الثورة، من حيث لا نشعر، وعلى الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا الوقت بالذات، فليس من الحكمة الان تحريك مواطن

الخلاف، ولا أن نطلب المثاليات في ظروف تتعرض فيها البلاد إلى عدو قد تفقد معه كل شيء.

 

وعلى جميع الأحرار والشرفاء والوطنيين، أن يتكلموا في الاعلام بصوت واحد، كما كانوا أيام المعركة، ومدافعُ القذافي تدك المدن دكًّا، وأن يكونوا أوفياء لدماء الشهداء.

جميعا مطالَبون بوحدة الصف وجمع الكلمة؛ لتجاوز الأزمة، ومدعوون للتمسك بشرعية المؤتمر الوطني العام.

وعلى المؤتمر في المقابل، أن يتحمل أعضاؤه مسؤوليتهم بجدارة، وأن يمسكوا بزمام الأمور بكل قوة ويتخلصوا من انتمائتهم الحزبية وعصبياتهم الجهوية ، فإن البلد أمانة في أعناقهم.

كما أن عامة العاملين في الدولة، عليهم أن يتقوا الله في أموال الأمة، وألا يتخوضوا في مال الله بغير حق، فإن النبي يقول: (إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار).

ويقول : (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا، فما أخذ بعد فهو غلول).

وعلى الناس أن يتقوا الله في أموال الناس فإن النبي يقول: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).

   وعلى المسؤولين في المصارف أن يتوقفوا عن التعامل بالربا، ويكفوا عن حرب الله ورسوله؛ فإن الله تعالى يقول: {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتــــي عـــــــام ليبيـــــا

حرر بتاريخ: 29/رمضان /1434هــ

الموافق: 7/8/2013م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق