(بيان مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء حول الأحداث الجارية في مدينة بنغازي)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
فبناء على ما ورد إلى مجلس البحوث والدراسات الشرعية، التابع لدار الإفتاء؛ من نداءات متكررة مِن منظمات المجتمع المدني في مدينة بنغازي، تشتكي فيها من نقصٍ حادّ في الأطقم الطبية، وخدمات الأمراض المستعصية؛ كغسيل الكلى، وغيره من الأمراض المزمنة، وما تعانيه المدينة مِن نقص العاملين في مجال الإغاثة والأعمال الخيرية، ومن القائمين على الدعوة والإرشاد، الذين خلت منهم المنابر لتوجيه الناس وتحذيرهم من مغبة التخريب والتعدي على الحرمات، ومن نقص العاملين في مجال الأمن والمرور، وخدمات النظافة، الذين خلت منهم شوارع بنغازي، بالإضافة إلى صرخات الاستغاثة الصادرة من العائلات والحرائر والأرامل وكبار السن، وما تشكو منه هذه الشريحة المستضعفة، من انتهاك للحرمات، وحرق للبيوت، دون أن يكون لها عائل يحميها، في ظل الغياب الكامل للمؤسسات الأمنية للدولة؛ إلَّا أن تستغيث برجال بنغازي الذين نزحوا منها، أن يرجعوا إليها، ويحموا أهلها ونساءها من محترفي الجريمة والمخربين، الذين لا يفرِّقون بين كبير ولا صغير، ولا رجل ولا امرأة، وأنهم يهيبون في هذه النداءات؛ بالعلماء والعقلاء، وبمجلس البحوث التابع لدار الإفتاء، أن يوجه نداء لجميع من ذُكر من أهل بنغازي، أن يتضامنوا، ويقدموا ما يمكن تقديمه قبل فوات الأوان.
رأي المجلس:
نظرَ المجلس فيما قُدِّم إليه؛ مما آلت إليه مدينة بنغازي، من تدهور خطير في الخدمات الضرورية، المشار إليها في السؤال وغيرها، وقرَّر ما يلي:
أولًا: دعوة النازحين من أهل بنغازي، القادرين على سد النقص في أيٍّ من المجالات المذكورة في السؤال، إلى أن يرجعوا إلى مدينتهم، ويسدوا حاجة أهلها، ويقدموا يد العون إليهم؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) رواه مسلم. وهذا العون، في ظلِّ هذا النقص الحاد، هو من الفرائض الواجبة، وليس تطوعًا، ومَن تخلَّف عنه مع القدرة يكون آثمًا، مادام النقص قائمًا؛ دفعًا للضرر المحقق، الذي تعاني منه العامة، والمستضعفون خاصة.
ثانيًا: دعوة حكومة الإنقاذ الوطني ووزاراتها – كلّ في مجاله – إلى تلبية هذا النداء، وسدِّ النقص في الخدمات، التي تعاني المدينة من نقصها، سواء الأمني منها والمدني؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه.
ثالثًا: دعوة أهل بنغازي خاصة، والشعب الليبي عامة؛ إلى التبرؤ من الفكر الغالي في التكفير، الممثل في دولة البغدادي، وألَّا يغتروا بشعاراتها البراقة، وأن يقفوا صفًّا واحدًا لمقاومة هذا المد، المستغلِّ من رموز النظام السابق، وعلى من كلفته رئاسة الأركان التابعة للمؤتمر الوطني بمواجهة هذه الجماعة؛ ألا يتهاونوا ولا يترددوا، وأن يعلموا أنهم في جهادٍ، ما أخلصوا النية لله، ومن قُتل منهم فإنه تُرجى له الشهادة بإذن الله.
رابعًا: دعوةُ الليبيين كافةً إلى التآلف، وجمع الكلمة على الحق، والتعاونِ على البر والتقوى، والحذرِ من الإيغال في الدم الحرام، ودعوةُ أهل بنغازي خاصة إلى احتضانِ أبنائهم، وعدمِ السماح لمن يريد الفتك بهم بدعاوى مغرضة، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ترفعُ شعار مكافحة الإرهاب، وهي الإرهاب بعينه، وعدمِ السماح لقوى الثورة المضادة بتفكيك النسيج الاجتماعي في بنغازي، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مجلس البحوث والدراسات الشرعية
صدر بتاريخ 8/ 6/ 1436هـ، الموافق 29/ 3/ 2015م.
لمشاهدة البيان
{gallery}Bynat/benghazi29_3_2015{/gallery}