طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

بيع الثمار المغيبة في الأرض

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3248)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

يقوم المزارع في منطقتنا بغرس البطاطا، وفي موسم الحصاد يأتي التاجر إلى الحقل، ويقوم باختبار المحصول من عدة أماكن؛ ليعلم مدى جودته، ثم يتم بيع جميع المحصول، فأنكر البعض هذا البيع، وقال: إنه غرر، فما حكم هذا البيع، بشيء من التفصيل؟ وما هي البدائل في حال عدم جوازه؟ علما بأن المزارع يتضرر إذا باع المحصولَ بعد قلعه.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيجوز بيع الثمرة المغيبة في الأرض؛ كالبطاطس والجزر والبصل ونحوها، وإن لم تُقلع، إذا بدا صلاحها، وتبين نضجها وسلامتها، وذلك بالتعرف عليها بقلع بعضها، والاستدلال بما قلع منها على ما خفي منها، ولا يُعدّ هذا مِن بيع الغرر الممنوع؛ لأنها معلومة بالعادة، ولا تخفى على أهل الخبرة، وظاهرها عنوان باطنِها، وما كان فيه من بعض الغرر فهو غرر مغتفر؛ للحاجة والمصلحة العامة، غير مقصود، والغرر إذا لم يكن مقصودًا، ويؤدي رفعه إلى إفسادِ المال وضياعهِ، اغتُفرَ اتفاقًا، ولذلك اتفق أهلُ العلم على جوازِ بيع البطيخ دون أن يقطع، وبيع الدار دون رؤية أساساتها وقواعدها، وبيع الجبة والثوب المبطن دون رؤية حشو بطانته، وإن كان كلُّ ذلك غررًا، لكنه غير مقصود، ورفعه يؤدي إلى إفساد المالِ وإتلافه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ المَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ” [البخاري:1477،مسلم:593]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وجائز عند مالك رحمه الله شراء الفجل والجزر واللفت والثوم والبصل ونحو ذلك مغيبا في الأرض، إذا نظر إلى بعضه، وكان قد استقل ورقه وأمنت العاهة فيه وأكل منه، وإنما تؤمن العاهة عليه إذا كان ما قلع وقطع منه ليس بفساد لطيبه وانتهائه”[الكافي:330/1]، وفي المعيار: “…الأصول المغيبة في الأرض كالجزر والفجل والبصل وذلك بمنزلة المقاثي والبطيخ، مما فيه بيع مغيب، وما لم يخلق مع ما قد خلق، وجاز هذا البيع، وإن كان من الغرر والجهالة بمكان…؛ لأن الغرر إذا دعت إليه الضرورة اغتفر؛ لمكان المالية التي هي محل التصرف بنقل الملك وغيره، وربما يختبر بعض ذلك فتعرف به بقيته” [441/6]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

أحمد ميلاد قدور

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

28/جمادى الآخرة/1438 هـ

27/مارس/2017م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق