بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4402)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
عمارة بها أربعة محلات في الدور الأرضي، وشقق في الدور العلوي، مشتركة بين أكثر من شخص، نملك منها محلين بالدور الأرضي، ونتيجة لخطإ هندسي تسبب به صاحب العمارة الملاصقة عند بنائها، حدث تصدع بعمارتنا وسقطت، بعد ذلك تم رفع قضية وتعويضنا في المباني، ثم قمنا بتسجيل مساحة أرض المحلين 60م2 باسمنا، واستخرجنا أوراقًا رسمية لها، والآن عرضنا الأرض للبيع، وجاءنا صاحب الشقق العلوية يدعي ملكيته للهواء، وأنه يملك مدخلًا للسلالم لينتفع بالعلو، فهل تصح مطالبته بالهواء؟ وكم تكون حصته من سعرِ الأرضِ؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان الحال كما ذكر، فمن حق صاحب العلو (الهواء) المطالبة ببيع الهواء، أو بما يُمَكِّنُهُ من الانتفاع بعلوه -إن لم يرد البيع- ويجبر صاحب الطابق الأرضي على إعادة البناء المنهدم أو بيعه ممن يبنيه، بأن يوضح للمشتري أنه سيبني الدور الأرضي، وأن لا حق له في الهواء، قال ابن عبدالسلام رحمه الله عند قول ابن الحاجب: وَيُجْبِرُ الْعُلُو السُّفْل عَلَى الْبِنَاءِ أَوِ الْبَيْعِ: “يَعْنِيْ: إِذَا كَانَ الاِشْتِرَاكُ بِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا السُّفْلَ وَلِلْآخرِ العُلْوَّ، فَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلُوِّ إِن أَرَادَ الْبِنَاءَ أَوِ التَّرْكَ فَعَلَ مِن ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، وَأَمَّا صَاحِبُ السُّفْلِ فَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ الانتِفَاعُ بِسُفْلِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ دَخَلَ صَاحِبُ السُّفْلِ، فَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ، أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَبْنِي” [شرح جامع الأمهات: 10/312]، وقال المواق رحمه الله: “(وَهَوَاءٍ فَوْقَ هَوَاءٍ إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ بَيْعُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ فَصَاعِدًا مِنْ هَوَاءِ بَيْتٍ، إنْ وَصَفَا مَا يُبْنَى فَوْقَ جِدَارِهِ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ هَوَاءٍ فَوْقَ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ هَوَاءٍ إذَا شَرَطَا بِنَاءً يَبْنِيهِ وَيَصِفُهُ لِيَبْنِيَ الْمُبْتَاعُ فَوْقَهُ” [التاج والإكليل لمختصر خليل: 6/84]، وليس من حق صاحب الهواءِ أن يزيدَ من الأدوار على ما كان سابقًا، إلّا بالاتفاق مع مالك الدور الأرضي، ويبين ذلك لمن يشتري منه، قال الحطاب رحمه الله: “(فَرْعٌ): وَلَا يَجُوزُ لِمُبْتَاعِ الْهَوَاءِ بَيْعُ مَا عَلَى سَقْفِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثِّقَلَ عَلَى حَائِطِهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا وَابْنُ عَرَفَةَ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَلَكَ مَا فَوْقَ بِنَائِهِ مِنْ الْهَوَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِحَقِّ الْبَائِعِ فِي الثِّقَلِ” [مواهب الجليل: 4/276].
عليه؛ فمن أراد ملك الأرض بهوائها، فعليه الاتفاق في الشراء مع مالك الدور الأرضي على ما يخصه، ومع مالك الدور العلوي (الهواء) على الجزء الذي يخصه، وليس هناك سعر محدد بالشرع، ولكن على ما يتفقان عليه بينهما، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
(هذه الفتوى لا يحتج بها في النزاعات، ولا أمام القضاء، ولا تفيد صحة الوثيقة، لاحتمال أن لدى من ينازع فيها مقالا والدار لا علم لها به)
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم سليم الشوماني
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//رجب//1442هـ
01//03//2021م