بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4671)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أعمل سمسارًا في بيعِ العقارات، فتوسطتُ لشخصٍ في شراءِ قطعتي أرض، واستدانَ مني مبلغًا قدره 22 ألف دينار، على أن يسددَهُ لي في موعدٍ محددٍ، وقد مضَى الأجلُ، ولم يفِ بوعدِه إلى الآن، وبقي عليه أيضًا دينٌ لصاحب الأرض (البائع)، قدره 125 ألف دينار، ولم يستطعْ تسديد الدَّين الذي عليه مِن كِليْنا (البائع والسمسار)، فعرض قطعتي الأرض بستينَ ألفًا للقطعةِ الواحدة، فعرضنَا عليه أن نأخذ قطعتي الأرض مقابلَ الدّين الذي عليه، فهل يجوز هذا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل في قضاء الديون أن تكونَ بمثلِ الشيءِ المترتب في ذمّة المدين، ويجوز للدائن أن يتفق مع المدين على إسقاط الدينِ نظيرَ عوضٍ معجّل؛ فإذا تأخرَ قبضُ العوض وكان غير معين منع؛ لأنه من فسخ الدين في الدين، وإن كان معيّنا صح على ما اختاره كثير من أهل العلم؛ لأنّ الذمة لا تقبل المعيّنات، فلا يدخل في فسخ الدّين في الدَّين، قال ابن الحاجب رحمه الله: “وَفِي بَيعِهِ [أي الدّين] بِمُعيّنٍ يَتأخّرُ قَبضُه كَالدارِ الغَائبَةِ وَالمواضَعَةِ، وَالمتأَخّرِ جَذاذُهُ، قَولَانِ، قال في التوضيح: وَالقولُ بِالجوازِ لِأَشهَبْ” [التوضيح: 5/342].
عليه؛ فلا مانع من دفع قطعتي الأرض في نظير الدّينِ، إن وافق المدين على ذلك سواء تأخر القبض أم لا، ويكون الدائنان شريكين في الأرضِ بنسبة ما لهما من الدَّين، ولا يمنع من صحة المعاملة رجوع الأرض لبائعها أوّلا، لأن ضابط المنع في بيوعِ الآجال عند المالكية: أن يرجعَ إلى اليدِ السابقةِ بالعطاءِ أكثر مما دفعتْ، وذلك غيرُ متحققٍ في النازلةِ محلّ السؤال، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الرحمن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ربيع الأول//1443هـ
11//10//2021م