بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3996)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي جدي، وترك من بعده زوجة وابنين وست بنات، ثم توفي الأبناء والبنات وآخرهم والدي، ولم يتم قسمة التركة، حيث كانت بيد والدي في حياته، وبعد وفاته قمت بإعداد فريضة شرعية (مناسخة) لورثة جدي، وخلال مدة وجود التركة بيد والدي كان يتصرف كأنه المالك الوحيد، فقام ببيع جزء من الأرض التي تخص جميع الورثة منذ ما يزيد عن خمسين سنة، وهي أرض رعوية غير مستصلحة، والذي اشتراها قام ببيعها لآخر، والمشتري الأخير قام باستصلاحها وغرسها، فهل يجوز أن يخصم الجزء المباع من سهام ورثة والدي؟ علما بأن المساحة الأكبر من الأرض باقية لم تقسم، وهي امتداد للجزء المباع من والدي، وهل يجب عند القسمة أن يحضر جميع الورثة الواردة أسماؤهم في المناسخة؟ علما أن عددا منهم سهامه بسيطة وغير مهمة، وكيف تحسب مصاريف القسمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا أقر ورثة البائع بحق بقية الورثة في الأرض المباعة خُيّر باقي الورثة، إما أن يأخذوا نصيبهم من الثمن، أو يأخذوا العوض مما بقي من الأرض، قال مطرِّف وابن الماجشون في الشركاء في الأرض بميراث أو غيره يبيع واحد منهم عرصة، وكان المبتاع قد بنى العرصة بالعمارة وطال زمن حيازته إياها والشركاء حاضرون: “إِنَّهُ لَا سَبِيلَ لِهَؤُلَاءِ الحُضُورِ إِلَى هَذَا المُبْتَاعِ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَيَرْجِعُ حَقُّهُمْ عَلَى البَائِعِ، فَإِنْ أَقَرَّ لَهُمْ أَنَّ حَقَّهُمْ فِيهِ وَأَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَ مَا كَانَ لَهُ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ، خُيّرَ هَؤلاءِ الحُضُورُ فِي وَجْهَيْنِ إِنْ شَاؤُوا أَخَذُوا مِنْهُ أَنْصِبَاءَهُمْ مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاؤُوا العِوَضَ مِمَّا بَقِيَ مِنَ الأَرْضِ” [الأحكام: 142].
أما ما يتعلق بحضور الورثة للقسمة، فإنه يشترط لصحة ولزوم القسمة حضور المتقاسمين، أو من ينوب عنهم، ومن حق الغائب عن القسمة – إن لم يكن قد حضر من ينوب عنه، أو لم يأذن في القسمة – المطالبةُ بنقض القسمة وإعادتها، فإن أُبلغوا ولم يحضروا يُرفع الأمر للقضاء، لتقسيم الأرض والتوثيق.
وأما ما يتعلق بمصاريف القسمة، فإن أجرة قاسم الأرض تقسم بين الورثة على عدد رؤوسهم، لا على قدر حصصهم، قال الشيخ الدردير رحمه الله: “(وَأَجْرُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ (بِالْعَدَدِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ مِمَّنْ طَلَبَ الْقَسْمَ أَوْ أَبَاهُ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ تَعَبَ الْقَسَّامِ فِي تَمْيِيزِ النَّصِيبِ الْيَسِيرِ كَتَعَبِهِ فِي الْكَبِيرِ” [الشرح الكبير: 3/500]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08// صفر// 1441 هجرية
07// 10// 2019م