تبرع الوارث بنصيبه قبل القسمة هبة على الشيوع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4692)

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

كانت السيدة ف تقول في جميع مجالسها: إنّ ثُمنها الذي ورثته من زوجها هـ، هو لِابنِ ابنها م، وقد شهِد على ذلك -حسب الوثيقة المرفقة -شهودٌ، فما حكم الشرع فيما قالتْهُ؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ تبرعَ الشخص بنصيبه مِن تركةٍ لم تقسمْ يُعدّ هبةً على الشّيوع، ويشترطُ لصحتها الحيازة حالَ حياة الواهب، وتحصل الحيازة فيه بتصرفِ الموهوبِ له مع الشركاء، كأنّه واحدٌ منهم، بأخذِ الغلةِ والارتفاقِ بالمنافعِ، ونحو ذلكَ مِن غرسٍ أو بناءٍ، قال الونشريسي رحمه الله: “كُلُّ مَنْ وُهِبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَّى-أَيِ الْمَوْهُوبُ لَهُ- احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 9/196]، فإنْ لم تحصلِ الحيازة رجع الموهوبُ تركةً، يقسمُ حسبَ الفريضة الشرعية، جاءَ في الموطأ: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كانَ نَحَلَ عَائِشَةَ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلَا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ …) [الموطأ: 1474].

عليه؛ فإنْ كان ما سمعه الشهود من المرأة بالتبرع بميراثها في وقت الصحة، وتمت الحيازة فيما شهدوا به عليها، فالهبة صحيحة، وإن لم تتم الحيازة لابن ابنها حتى ماتت فالهبة باطلة، وتكون ميراثا، وإن كان ما سمعوه منها في وقت مرض الموت، فحكمه حكم الوصية تنفذ من الثلث، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الدائم بن سليم الشوماني

حسن بن سالم الشريف

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

24//ربيع الأول//1443هـ

31//10//2021م