تخليص عقار مغصوب مشترك على الشيوع
استيفاء شريك حقه من إيجار عقار مشترك
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4587)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يملك ورثةٌ عمارةً مغصوبةً مِن قبل الدولة، بها ستُّ شققٍ، ومحلاتٌ بالدور الأرضي، وقد تمكنوا مِن استرداد المحلات بالدور الأرضي عن طريقِ المحكمةِ، ثم اقترح بعضُ الورثةِ شراءَ أربعِ شققٍ مِن المقيمين بها، فامتنعَ أحدهم عن الدفع بحجةِ عدمِ قدرتهِ المالية، ثم قامَ الورثةُ المشترون بتأجيرِ الشققِ الأربع، فهل لمن امتنع عن الدفعِ حقٌّ في الإيجار؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالعقار المغصوب إذا كان مشتركًا على الشيوع، وقام أحد الشركاء بتخليص بعضه من الغصب، فإن ما استخلصه يبقى على الشيوع بين الشركاء، ولا يختص به من فكّه من الغاصب؛ لأن اختصاصه به يعدّ قسمة للمغصوب، وهي باطلةٌ على المشهور في المذهب، قال البرزلي رحمه الله: “وَسُئِلَ [أبو محمد] عَنْ مُشتَرِكَيْنِ فِي طَعامٍ أَحدُهُما غَائِبٌ أَخَذَ الظّالمُ نَصيبَ الغَائبِ، فَأجابَ: الذِي عِندي أنَّ المأخوذَ وَالباقِيَ بَينَهُما، قُلتُ: كَانَ يَتقدّمُ لَنَا أَنّ المسألَةَ تَجرِي عَلى قِسمَةِ الغَاصبِ، هَل تَصحّ أمْ لَا؟ وَعَليهِ يَأتِي الخِلافُ فِي وَاقِعَةٍ هِي ِإذَا أَخذَ الّلصوصُ أَو الوالِي لِرجلٍ فَرسًا أَو غنَما أَو غَيرَهُما وَهِي بَينَ رَجلينِ فَقامَ أَحدُهما بِجاهٍ أَو فِداءٍ أَو قوّةٍ فَردّ إِليهِ نِصفَ ذَلكَ هَل يَطيبُ لَه أَم لَا؟” [مختصر فتاوى البرزلي: 489]، وجاء في نوازل العلمي: “العبدوسي: المشهورُ أَنّ الجزءَ المُشاعَ لَا يَمتازُ فِي قِسمَةِ الغَاصِبِ كَمن اشتَركَ معَ ذِي حِرفَةٍ فغَصبَهُ الغَاصِبُ ثُمّ قاسَم ذَا الحِرفَة فَلا يحلّ لهُ الاستغلالُ. قَالَ وَهوَ المَشهورُ وَالمنصوصُ عِندَ الشّعبيِّ وَالبرزلِي وَغيرِهما فَلَا تَجوزُ قِسمَةُ الغَاصِبِ” [نوازل العلمي: 2/122]. وهذا إذا كان الجزء المستردّ مشاعًا ومثله ما إذا كان المردود معيّنا؛ إذ لا فرق.
وإذا دفع أحد الشركاء مالًا لتخليص المغصوبِ، كان له أن يرجعَ على بقية الشركاء بما ينوبُ حصتهم؛ لأن الغنم بالغرم، وقد سئل المشدّالي عن شريكين في فرسٍ أخذها غاصب، فردّ أحد الشريكين نصفه وفدى نصيب الثاني من الغصب، فأجاب: “لِلفَادِي أَخْذُ فِدَائِهِ مِنْ شَرِيكِهِ إِنْ أَرَادَ الشّريكُ أَخذَ نَصيبِهِ فِي الفَرَسِ” [نوازل القصري: 4/452].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فيجوز للورثة الدافعين أن يستأثروا بالإيجارِ المترتب على الشققِ، حتى يستردوا ما أنفقوه في تخليصِ الشققِ مِن الغصب، ثم يقسم الإيجار بعد ذلك على جميع الورثةِ، حسب الفريضةِ الشرعيةِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
عبد الرحمن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23//ذي الحجة//1442هـ
02//08//2021م