طلب فتوى
الحج والهدي والأضاحيالفتاوىقضايا معاصرة

ترك أهل بنغازي ذبح الأضاحي تضامنًا مع إخوتهم النازحين

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2563)

 

السيد/ رئيس لجنة إدارة الأزمة، بنغازي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالإشارة إلى مراسلتكم المتضمنةِ وصف ما يعانيه النازحون من بنغازي، مِن ضيق ذات اليد، بسبب تركهم لأموالهم وأملاكهم، وتعطلِ مصالحهم، وارتفاعِ قيمة إيجار المساكن، وغيابِ الدعم الحكومي، وعزمكم في لجنة إدارة الأزمة والمجلس البلدي بنغازي، على ترك ذبح الأضاحي هذا العام؛ تضامنًا مع النازحين العاجزين عن ذلك، وطلبكم توضيح الرأي الشرعي بالنسبة لما عزمتم عليه، وحكم الأضحية للنازحين، وتوجيه النصيحة لحكومة الإنقاذ بخصوص مسؤوليتها تجاه النازحين، وما يعانونه.

والجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن الأضحية من السنن المؤكدة عند جمهور أهل العلم، وذلك للقادر عليها، الذي لا تجحف بماله، فلا يطالب بها من تجحف بماله، وتؤثر في نفقته، ويحتاج إلى صرف ثمنها أثناء السنة، وورد أن أبا بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان؛ كراهيةَ أن يُقتدى بهما، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: “إنه ليس بحتم، ولكنه أجرٌ وخير وسنة”، وكان ابن عباس رضي الله عنهما إذا حضر الأضحى أعطى مولى له درهمين؛ فقال: “اشترِ بهما لحما، وأخبر الناس أنه أضحى ابن عباس”، وقال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه: “إني لأدع الأضحى، وإني لموسر؛ مخافةَ أن يرى جيراني أنه حتمٌ علي” [ينظر:معرفة السنن والآثار للبيهقي:15/14-17].

عليه؛ فإن ما عزمتم عليه لكم فيه خيرُ سلف، ولا حرج ولا لوم على من ضاقت بهم الأحوالُ في ترك الأضحية هذا العام.

وعلى الناس أن يُحْسنوا ضيافة أهلهم النازحين؛ من بنغازي وغيرها، ويفرجُوا عنهم كُرباتِهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) [مسلم:2699]، فإن إخوانَهم في ضيق شديد وكرْب عظيم، فبيوتهم ما بين مُدَمّر ومسروق ومنهوب، وأرزاقهم توقفت، ومصالحهم تعطلت، وأبناؤهم قُتلوا وشُرّدوا، وتَنكَّر لهم القريب والبعيد، إلا من رحم الله، وقليل ما هُم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها؛ بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم) [النسائي:3178].

والواجب على المسؤولين أن يتقوا الله تعالى فيما استرعاهم مِن رعية، وأن يعالجوا هذا الأمر، ويجعلوه مِن أولويات مهامِّهم؛ وفاءً بما تحملوه من أمانة؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيته) [البخاري:853/مسلم:1829]، والله الموفق لا ربَّ سواه، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

محمد الهادي كريدان

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

01/ذو الحجة/1436هـ

15/سبتمبر/2015م

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق