بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1778)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أرض محبسة من سنة 1298هـ، ولكن تم عبر السنين مناقلتها وقسمتها بين الورثة، وبيع بعضها، والتصرف فيها، كل ذلك وقع دون علم بتحبيسها، وفي سنة 2013م وجدت وثيقة الحبس، وجاء فيها: (حبسا تاما مطلقا عاما إلى أبناء أبنائهم، حتى ينقطع الأثر من وراثهم، فهو يصدق على بيت مكة الشريفة)، فما الذي يلزمنا شرعا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هذا الحبس – كما يظهر من نص وثيقة الحبس – موقوف على الأبناء دون البنات، والحبس على الذكور دون الإناث محل اختلاف بين أهل العلم، والصواب الذي ترجحه الأدلة أنه غير جائز شرعا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم) [البخاري:2587]، وفي المدونة أن عائشة رضي الله عنها إذا ذَكرت صدقات الناس اليوم، وإخراج الرجال بناتهم منها، تقول: “ما وجدت للناس مثلا اليوم في صدقاتهم، إلا كما قال الله تعالى: )وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَّكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ(” [المدونة:423/4]، وقال الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه: “إنه من عمل الجاهلية” [شرح الخرشي:77/5]، وهو اختيار الشيخ خليل في المختصر قال: “وبطل – أي الوقف – على معصية، وحربي، وكافر لـ(كمسجد)، أو على بنيه دون بناته” [منح الجليل:118/8]، وهو المعتمد في أكثر المذاهب، وهذا الحبس تم إلغاؤه بفتوى من مفتي الديار الليبية السابق الشيخ الطاهر الزاوي رحمه الله سنة 1973م، وبعد هذه الفتوى صدر القانون رقم 16 لسنة 1973م بإلغائه.
عليه؛ فإن هذا الحبس لا يعمل به، ولا يصحّ لا شرعًا ولا قانونًا؛ لما في ذلك من التحايل على حرمان المرأة من الميراث، وتجب قسمته على الذكور والإناث على السواء، حسب الفريضة الشرعية، فما وقع مِن تصرفٍ في العقار المسؤول عنه من قسمة إن كان حسب الفريضة الشرعية، فلا حرج فيه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16/ربيع الآخر/1435هـ
2014/2/16م