بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5945)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (س)، حدثت مشكلة بيني وبين زوجتي، فذهبت بها إلى بيت أهلها، ثم قلت لها: “عليّ اليمين والطلاق لو أنت ما تأسفتيش أنت طالق”، ولم أحدد موعدًا للتأسف لا باللفظ ولا بالنية، وبعد ثلاثة أيام ذهبتُ إلى بيت أهلها والتقيتها، فقلت لها: “بتتأسفي وإلا أنت طالق”، فتأسفتْ واعتذرتْ، فهل الطلاق واقع؟ علمًا أنني طلقت قبل هذه الحادثة مرتين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالطلاق المعلّق على شيء، كالخروج من المنزل ونحوه، يقع إذا وقع المعلَّق عليه؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيهِ شَيْءٌ” [صحيح البخاري: 7/45].
وإذا كانت صيغة الطلاق صيغة حنث غير مؤجلٍ، فإن الطلاق لا يقع إلا إذا عزمت المرأة على الضد، وهو عدم التأسف، أو مضت المدة التي يُظنّ أنّ الحالف أرادها.
قال الدردير رحمه الله: “(و) حنث الحالف (بعزمه على ضده) أي: ضد ما حلف عليه كإن لم أفعل فأنت طالق ثم عزم على عدم الفعل” [الشرح الكبير: 2/141].
وقال أيضًا: “(وإلا) يحلف على فعل نفسه بل على فعل غيره نحو: … إن لم تدخلي الدار فأنت طالق (تُلوّم له بالاجتهاد) من الحاكم (على ما يدلّ عليه البساط) أي القرائن الدالة على الزمن الذي أراده بيمينه” [الشرح الصغير: 1/465].
وقد ذكر السائل أنه لم ينو تحديدَ وقت لتأسف زوجته له، وبسؤال الزوجة أخبرت أنها لم تعزم على عدم التأسف، وسبب تأخرها أنها كانت في بيت أهلها، ولم تكن ترد على اتصالاته بسبب المشكلة، وعند مجيئه تأسفتْ له.
وعليه؛ فإنْ كان الواقع كما ذكر الزوجانِ فالطلاقُ غير واقع، وعلى الزوج أن ينتبهَ لنفسهِ، ويبتعدَ عن التلفظ بالطلاق أو الحلف به؛ لأنه إذا طلّق مرةً أخرى فإنّ المرأة تحرمُ عليه، ولا تحل له حتى تنكحَ زوجًا غيره نكاحَ رغبةٍ، ثم يطلقَها، أو يموتَ عنها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
حسن بن سالم الشريف
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26// شعبان// 1446هـ
25//02// 2025م