طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

تعليق الطلاق بلفظ: (أنتِ حارم عليَّ)

طلاق بائن بينونة صغرى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3820م)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حدثَ شجارٌ بيني وبينَ زوجتي، فقالت لي: قلْ: (أنتِ حارم عليَّ إن كنتُ قد أقرضتُ جاري مبلغًا من المال)، فقلت لها ذلك تجنبًا لمشكلةٍ قد تحدثها مع أمهِ، حتى يردَّ علينا المال، والله يعلمُ أنّي ما نويتُ تحريمها إلَّا لفظًا بلساني لا بقلبِي، وأنّي أردتُ التيسيرَ على جاري، فهل يقعُ الطلاقُ أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإن العبرة في الطلاق الصريح والكناية الظاهرة بالنطقِ، لا القصد إلى حلّ العصمة، قال الشيخ العدوي رحمه الله: “حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ فِي الصَّرِيحِ وَالْكِنايةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَدْلُولَهُ، وَهُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ، وَقَصْدُ حَلِّهَا فِي الْكِنايةِ الْخَفِيَّةِ” [حاشية العدوي على الخرشي:4/31]، والطلاق بلفظ: [أنت حارمٌ عليّ] هو من كنايات الطلاق، ومما اختلف العلماء فيما يلزم به، والمختار أنه يقع بائنًا بينونةً صغرَى، وهو روايةٌ عن مالك رحمه الله، قال القرطبي رحمه الله: “وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ) عَلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ قَولًا: …، وَسَابِعُهَا: أَنَّهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، قَالَهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَزَيدُ بنُ ثَابِتٍ، وَرَوَاهُ ابنُ خُوَيْز مِندَاد عن مَالِكٍ…” [تفسير القرطبي:18/180].

عليه؛ فقد وقعت طلقة بائنة على الزوجة، ولا يجوز لك مراجعتها إلا بعقدٍ شرعيٍّ جديدٍ، وشهودٍ وصداقٍ، وتحسبُ الطلقةُ عليك حتى بعدَ العقدِ الجديد؛ لأنها عادتْ إليك بالعصمة الأولى؛ لما روي عن عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى تَحِلَّ وَتَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَيَمُوتَ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَإِنَّهَا تَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا) [الموطأ:2180]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

                                     

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

26//جمادى الآخرة//1440هـ

03//03//2019م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق