بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1464)
السيد/ مدير مكتب الأوقاف والشؤون الإسلامية طرابلس.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم ذات الرقم الإشاري: (2396.14.1) المتضمنة السؤال عن حكم من تعدى على خطيب مسجد عينته الأوقاف بإنزاله من المنبر، وإلقاء الخطبة مكانه بغير إذن من الأوقاف، وحكم الصلاة خلفه، وبم تنصحونه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمساجد بيوت الله تعالى، وقد قال الله تعالى في وصفها: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)[النور:36]، فينبغي تنزيهها عن النزاع والخصومة واللغو, قال ابن كثير رحمه الله: “أمر الله برفعها، أي: بتطهريها من الدنس واللغو، والأفعال والأقوال التي لا تليق فيها”[تفسير القرآن العظيم:62/6]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإياكم وهيشات الأسواق)[مسلم:432] يعني في المساجد، قال النووي رحمه الله: “أي: اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها”[شرح مسلم:156/4].
ووزارة الأوقاف هي الجهة التي لها الولاية الشرعية على شؤون المساجد، وتجب طاعتها في المعروف، ومن ذلك تولية الأئمة والخطباء وعزلهم، فلا يجوز منازعتها، ولا الافتيات عليها في ذلك، ويجب التعاون معها والتقيد بالنظم والقوانين والقرارات التي وضعتها لتحقيق المصلحة العامة في هذا الشأن.
وما فعله هذا الشخص المذكور في السؤال هو من التعدي والفساد الذي يُسقط هيبة أهل الديانة عند عامة الناس، ومن الخروج على ولاة الأمر فيما ارتضوه من الأمور الشرعية لمصلحة الأمة وصلاح الدين، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وتوعد من خرج عليهم قِيد شبر بميتة جاهلية، ويشتد الأمر خطورة إذا فرض نفسه على الناس وهم لا يريدونه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة)، وذكر منهم: (الرجل يؤم القوم وهم له كارهون)[الترمذي:358، أبوداود:593، ابن ماجه:1023]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيث محمود الفاخري
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12/ذو القعدة/1434هـ
2013/9/17م