بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2490)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
تنازلتُ عن قطعة أرض لبناء مسجد (أم عمارة)، واستوفيت جميع مستنداته، وله حساب جارٍ بالمصرف التجاري فرع تاجوراء، وبعد فترة من الحبس تبرع شخص آخر بقطعة أرض قريبة جدا من المكان، وهي أكبر في المساحة من قطعة الأرض الأولى، وأنا الآن لا أمانع من بناء المسجد على القطعة الثانية، بنفس المستندات والحساب المصرفي، مع بناء مبنى على الأرض الأولى في نفس الوقت، مكون من طابقين؛ الأول صالة للمناسبات الاجتماعية، والدور العلوي مركز (أم عمارة) لتحفيظ القرآن الكريم، فهل يجوز لنا هذا الفعل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن الأرض الموقوفة والمحبسة لمصلحة المسجد، لا يجوز التصرف فيها في غير ما حبست عليه، ولا يجوز إبطال حبسيتها، قال تعالى: )فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( [البقرة:181]، قال المواق رحمه الله في شرح مختصر خليل: “(واتبع شرطه إن جاز)، قال ابن الحاجب: مهما شرط الواقف ما يجوز له اتبع، كتخصيص مدرسة أو رباط” [التاج والإكليل:649/7]، ومادامت هناك أرض قريبة من الأرض المحبسة، فيجوز بناء المسجد على هذه الأرض، ويجوز كذلك بناء خلوة لتحفيظ القرآن الكريم على الأرض الأولى؛ إذ هو من الأغراض الأصلية للواقف على المسجد، على أن تكون في الطابق الأرضي، وبناء صالة للمناسبات الاجتماعية إذا كان في ذلك إرفاق بالناس، على أن تكون في الطابق العلوي، حتى لا تتعطل الدراسة أيام المناسبات، وأن يتم استعمالها بإيجار يُدفع للمسجد، حتى يتحقق الغرض من الوقف، وحتى لا يتوسع الناس في السهر فيها بتضييع الأوقات، عندما تكون الصالة مجانا، وذلك بشرط عدم استعمالها فيما لا يباح شرعا مما جرت به عادة بعض الناس؛ كاستعمال المعازف والاختلاط الممنوع، وكل ما ينكر في الأفراح، ومثل ذلك إطعام الطعام لغير أهل الميت، والجلوس للعزاء فوق ما شُرع، وبالجملة التزام الآداب الشرعية في المناسبات؛ لأن الحبس صدقة جارية يرجى ثوابها فلا تستعمل إلا فيما كان مشروعا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
25/شوال/1436هـ
10/أغسطس/2015م