بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3227)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أوصى شخص بتحبيس قطعة أرض مساحتها (7814) متر مربع، ونصه: (قطعة أرض مع البئر من فم المعمل إلى نهاية البيت، الذي يقوم بالواجب التاليف والختمة سنويا يستغل هذه القطعة، وأسند هذا الأمر إلى ابني أبوعيشة، وتبقى في حكم الصدقة).
فهل يجوز جعلها مقبرة؛ لعدم وجود مقبرة بالمنطقة؟ وكيف يتم التصرف في ريعها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالواجب اتباع شرطِ الواقف في الأرض المحبسة، فلا يجوزُ مخالفته؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع، إلا إذا خالف الشرع؛ قال الله تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:181]، قال المواق رحمه الله: “(واتبع شرطه إن جاز)، قال ابن الحاجب: مهما شرط الواقف ما يجوز له اتبع، كتخصيص مدرسة أو رباط أو أصحاب مذهب بعينه” [التاج والإكليل:649/7].
وعليه؛ فلا يجوز تغيير هذا الحبس بتحويله إلى مقبرة، والتحبيس على (التاليف) يقصدُ به عمل طعام يدعى إليه الفقراء والمساكين، فقد كان الناس في أمس الحاجة إليه قديمًا؛ للفاقة الشديدة، وعدم توفر القوت في البيوت، أما الآن فقد تغير الحال، فالأولى والأنفع أن تستثمر الأرض المحبسة بأفضل الطرق الممكنة ويصرف ريعها، مالًا أو تموينًا، من المواد الغذائية واللحم، على الفقراء والمحتاجين أو في وجوه البر الأخرى على أهل المنطقة؛ لأنه يحقق ما أراده المحبس، ويجب الرجوع إلى الجهة المخولة – وهي هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية – لتراقب القائمين على نظارة هذا الوقف، وصحة عقد استثماره، وملاءمته، وعدم المحاباة فيه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07/جمادى الآخرة/1438 هـ
06/مارس/2017م