بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2351)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
بنى والدي رحمه الله مسجدًا، بمنطقة سيدي المصري (اللانشا)؛ لإقامة الجمعةِ والصلوات الخمس وتحفيظ القرآن منذ 1959م، وبعد التحرير أقفلته لجنة المسجد، وحولته إلى مركز تحفيظ للنساء، وحولت الصلوات إلى زاوية صوفية، معروفة بزاوية سيدي المصري، في نفس المنطقة، لا علاقة لها بالمسجد، حيث تم هدم جزء منها لبناء مسجد جديد، وترك جزء آخر مؤقتا؛ لإقامة الصلوات الخمس والجمعة، وحجتهم في قفل المسجد عدم تفريق المصلين، وأن عندهم فتوى من شيخ سعودي بجواز بيع الوقف، ووضع ثمنه في المسجد الجديد، وبعد أخذ ورد بيننا وبينهم، قالوا: اصبروا حتى ننتهي من بناء المسجد الجديد، ونفتح المسجدين معا، حتى لا تقع فتنة في المنطقة.
فما حكم ذلك؟ علما بأن المسافة بين المسجد المقفل والزاوية حوالَي 1000 متر.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يجوز تغيير الحبس عما حبس عليه، فشرط الواقف كنص الشارع، خاصة إذا كان الحبس مسجدا، قال القاضي ابن العربي رحمه الله: “المسجد من جملة الأحباس اللازمة، بل هو من أوكدها؛ لأنها خالصة لله ومضافة إليه” [المسالك:461/6].
عليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن قفل المسجد المذكور طيلة هذه الفترة، وهجره وتعطيله عما بني له؛ من أشد الظلم، وأكبر الإثم؛ قال تعالى: )وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُّذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَّدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ( [البقرة:114].
ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، هي الجهة الوحيدة التي لها الولاية الشرعية على شؤون المساجد، والأوقاف، وتقدير حاجة المنطقة إلى إحداث مسجد جديد، أو الاكتفاء بالموحد، وتجب طاعتها في هذا الشأن بالمعروف، ولا يجوز منازعتها ولا مخالفتها في ذلك؛ لأنه من الافتيات على ولي الأمر، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من منازعة ولاة الأمر، أو الخروج عليهم، وتوعد من خرج عليهم قِيد شبر بميتة جاهلية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14/رجب/1436هـ
03/مايو/2015م