طلب فتوى
الفتاوىالقرآن الكريم وعلومه

تفسير قول الله تعالى: (إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5900)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

يقول الله تعالى: (إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ) [الحجرات: 6]، فما تفسير ذلك؟ علما أن أحد المسؤولين أنزلها عليّ في بيان صحفي، بسبب طلبي لحقوقي الوظيفية، ولشهاداتي على ما يجري في الجامعة.

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فسبب نزول الآية المسؤول عنها كما جاء في تفسير الطبري وغيره أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم: (بَعَثَ الْوَلِيدَ بْن عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لِيَأْتِي بِصَدَقَةِ بَنِي الْمُصْطَلقِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ بُغْضٌ وَشَحْنَاءُ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِن مَنَازِلِهِمْ وَسَمِعُوا بِهِ تَجَهَّزُوا لِاستِقبَالِهِ وَكَانُوا مُسَلَّحِينَ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ شَرًّا أَوْ ظَنَّ هُوَ كَذَلِكَ بِهِمْ، فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمُ امْتَنَعُوا عَن دَفْعِ الزَّكَاةِ وَخَرَجُوا لِقِتَالِهِ، فَبَعَثَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَأَمَرَهُ أَلاَّ يُعَاجِلَهُمْ حَتَّى يَعْرِفَ أَمْرَهُمْ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُمْ وَجَدَهُمْ يَرْفَعُونَ الْأَذَانَ وَيُصَلّونَ، فَأَعْطَوْهُ صَدَقَاتِهِمْ وَرَجَعَ، وَنَزَلَتِ الْآيَةُ).

فمعنى الآية المذكورة على ما ذكر أهل التفسير: إن أتاكم خبرٌ من شخص غير عدل، سواء كان من الفساق أو من مجهولي الحال (فَتَبَيَّنُوا) وهذا يقتضي البحث عن حال عدالة الشخص الناقل للأخبار، أو التثبت من مصادر أخرى موثوقة، وذلك مخافة (أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ) أي: لئلا تصيبوا قومًا برآء مما قذفوا به بجناية؛ كما بلغكم من خبرِ منعِ بني المصطلق للزكاة وهم ليسوا كذلك، فالواجب عدم الاستشهاد بالآيات القرآنية قبل معرفة معانيها وأسباب نزولها، ولا علم لدار الإفتاء بملابسات ما دار بين السائل والمسؤول المشار  إليه؛ لذا فإن هذه الفتوى لا تصلح مستندا ولا حجة لأحد الطرفين في الخصومة، بل هي حكم مجرّد عامٌّ لبيان الحكم من حيث هو، وتنزيلها على نازلة بعينها لا يتمّ إلا بعد السماع من الخصمين، والتحقيق في المسألة من أهل العدالة والخبرة، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشّريف

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

13//رجب//1446هـ

13//01//2025م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق