طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2348)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

هل يوجد دليل من الكتاب أو السنة على جواز تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر؟ فإن لم يوجد دليل، فمتى بدأ العمل بذلك؟ ولماذا أقره العلماء؟ وما حكم العقود التي تمت على هذا النحو؟ وحكم المعاشرة قبل قبض المهر كاملا؟ وحكم ما نتج عنه من أولاد؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا نعلم دليلا من الكتاب أو السنة يوجب تقديم المهر أو يمنع تقسيمه، وعليه؛ فالأصل جواز الأمرين، ولكن يكره تأجيل الصداق أو بعضه؛ لمخالفته لفعل السلف، ولأن تأجيله ربما كان ذريعة إلى عدم الوفاء به، وإسقاطه، خاصة إذا طال الأجل؛ قال ابن شاس رحمه الله: “قال عبد الملك: كان مالك وأصحابه يكرهون أن يكون شيء من المهر مؤخرًا، وكان مالك يقول: إنما الصداق فيما مضى ناجز كله، فإن وقع منه شيء مؤخر، فلا أحب أن يطول الأجل في ذلك” [عقد الجواهر الثمينة:475/2].

وكلام مالك يدل على أن جريان العمل بتقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر قديم جدا، وهو العرف الجاري الآن.

وعليه؛ فالعقود التي تمت هكذا صحيحة، وكذا ما ترتب عليها.

ولا يجوز تأجيل المؤخر إلى أجل مجهول أو إلى أقرب الأجلين؛ الموت أو الطلاق؛ لأنه مجهول، بل يجب أن يكون التأجيل إذا دعت إليه حاجة محددا بسنتين أو ثلاثة ونحوها، فإن لم يتم تحديد الأجل يفسد النكاح قبل البناء، ويثبت بعده بالأكثر من المسمى وصداق المثل، قال ابن شاس رحمه الله: “قال عبد الملك: وإن كان بعض الصداق مؤخرًا إلى غير أجل، فإن مالكًا يفسخه قبل البناء، ويمضيه بعده، وترد المرأة إلى صداق مثلها معجلًا كله، إلا أن يكون صداق مثلها أقل من المعجل فلا ينقص منه، أو أكثر من المعجل والمؤجل، فيوفي تمام ذلك، إلا أن يرضى الناكح بأن يجعل المؤخر معجلًا كله مع النقد منه، فيمضي النكاح، فلا يفسخ؛ لا قبل البناء ولا بعده، ولا ترد المرأة إلى صداق مثلها” [المرجع السابق].

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المغالاة في المهور، ورغب في تقليلها؛ فقال صلى الله عليه وسلم لرجل أخبره أنه أصدق امرأة أربع أواقٍ من فضة: (كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل) [مسلم:1424].

ومن الآثار السلبية المترتبة على المغالاة في المهور، العزوف عن الزواج، وارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع، وفي ذلك مضار لا تخفى، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14/رجب/1436هـ

03/مايو/2015م

 

 

 

 

 

 

 


الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق