تقسيم المورث ما يملكه على أبنائه قبل موته من قبيل الهبة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3454)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قام والدي بتقسيم أرضه على أولاده الذكور والإناث برضاهم، وطلب والدي من الوالدة أن تتنازل عن ثمنها في بيت العائلة، الذي سترثه فيه إذا توفي قبلها، فكتبت تنازلا عن ثُمنها لبناتها، وعندما مرض الوالد، قام أخي الأكبر بإقناع أمي بالتراجع عن التنازل، فتراجعت، ثم كلمها البنات، فتنازلت من جديد عن نصيبها في البيت من زوجها لبناتها، ثم توفي الوالد، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه يجوز للرجل قسمة أملاكه على ورثته قبل موته، بشرط أن لا يحرم أحد الورثة منها، وتكون فيها مصلحة راجحة، كحاجة الورثة للمال، أو دفع مفسدة متوقعة، كاختصام الورثة في المستقبل، أو مخافة حرمان أحدهم من نصيبه.
وهذا التقسيم من قبيل الهبة، وشرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث” [الرسالة:117].
وعليه؛ فمن تصرف من الأبناء والبنات في نصيبه من الأرض، بحرث أو غرس أو بناء ونحو ذلك قبل موت الواهب، فالهبة صحت في حقه، والأرض ملكه، ومن لم يتصرف فيما وهب له حتى مات الواهب، فالهبة باطلة، ويرجع نصيبه ميراثا لجميع ورثة الواهب الأحياء يوم وفاته.
وأما بخصوص تنازل أمك عن ميراثها في أبيك قبل وفاته، فإن الحق في الميراث لا يثبت للوارث إلا بعد وفاة المورث، ولا يصح لأحد أن يتنازل عن شيء قبل تملكه.
وعليه؛ فهذا التنازل من أمك عن نصيبها في أبيك قبل وفاته يكون باطلا، ولا يعتد به شرعا؛ لأنه تنازلٌ عن حقٍّ قبل استحقاقه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22/ربيع الآخر/1439هـ
09/يناير/2018م