طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

تكرار لفظ الطلاق حال الغضب

تكرار لفظ الطلاق دون نية التأكيد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4761)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حصل خلافٌ بيني وبين زوجتي في شهر 3/2021م، فقلتُ لها في حالة غضب شديد: أنتِ طالق طالق طالق، دون قصدٍ مني لإنهاء العلاقة الزوجية، ولا نيةِ شيءٍ في تَكرار لفظ الطلاق، فما هو حكم الشرع في ذلك؟ وكيف يمكنني إرجاعها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ الطلاق يقع باللفظ الصريح، ولو لم يقصدْ به الزوجُ حَلَّ العصمة، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ؛ النِّكَاحُ وَالطَّلاَقُ وَالرَّجْعَةُ) [أبو داود: 2194]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَلَفْظُهُ الصَّرِيحُ) الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ الْعِصْمَةُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ حَلَّهَا مَتَى قَصَدَ اللَّفْظَ (الطَّلَاقُ)، كَمَا لَوْ قَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي… (وَطَلَّقْتُ)… (وَطَالِقٌ)… (وَمُطَلَّقَةٌ)” [الشرح الصغير:2/559]، ويتكرَّرُ وقوعُ الطلاقِ بتَكرارِ لفظه، ولو لم ينوِ الزوجُ بالتَّكرار شيئًا، لأنَّ الكلامَ الْمُكَرَّرَ محمولٌ على التأسيس، إلا أن يَنْوِيَ به التأكيد؛ فلا تلزمه إلا طلقة واحدة، قال الخرشي رحمه الله: “إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ:… أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، طَالِقٌ، طَالِقٌ، مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَأ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَحَلُّ اللّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ” قال العدوي رحمه الله: “أَيْ: بَلْ نَوَى التَّأْسِيسَ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ” [شرح الخرشي مع حاشية العدوي :4/50]، ولا يمنع الغضبُ وقوعَ الطلاق ولو كان شديدًا، ما لم يبلغْ حدَّ الجنون وفقدِ العقل، فإنه لا يقع حينئذ، قال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ، خِلَافاً لِبَعْضِهِمْ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لاَ يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك: 2/351].

وعليه؛ فإن كان الحال كما ذُكِر؛ مِنْ أنَّ السائلَ كـرّر لفظَ الطلاق ثلاثَ مرات دون نية التأكيد، ولم يبلغْ به الغضبُ حدَّ الجنون، ولم يكن الغضبُ مانعاً له من تذكُّرِ الحادثة واستحضار تفاصيلها، كما بيَّن شفهيا عند الاتصال به؛ فقد وقعت التطليقاتُ الثلاث، وبانتْ منه زوجته بينونةً كبرى، فلا تحلُّ له حتى تنكح زوجًا غيره، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

حسن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

06//جمادى الآخرة//1443هـ

09//01//2022م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق