تلوين آيات المصحف بألوان مختلفة حسب نوع التفسير
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2647)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
مصحف مطبوع بطريقةٍ غيرِ معهودة، حيث لُوّنت صفحاتُه بعدةِ ألوان، حسب موضوع الآيات، ووضعوا في الحاشية لكلّ مجموعةِ آياتٍ ذاتِ لونٍ موَحدٍ تفسيرًا موضوعيًّا مجملًا، وذكروا في نهاية هذا المصحفِ مراجعَهم مِن كتب التفسير، وذكروا معها كتابَ (تفصيلِ آيات القرآن للمستشرق الألماني جول لابوم)، فما حكم ذلك؟ علمًا بأن هذا المصحف ثارتْ بسببه ضجةٌ في أحد المساجد، عندما أراد بعض المصلين إحراقَ جميعِ نُسخه، وما نصيحتكم لوزارةِ الأوقاف بهذا الخصوص؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالقرآن الكريم هو كلام الله تعالى المعجز، المتعبد بتلاوته، المبدوءِ بسورة الفاتحة، والمختوم بسورة الناس، المجموعِ بين دفتي المصحف، وقد أجمعت الأمة على وجوب تعظيمه وإجلاله، وعلى عدم جواز تعريضِه للإهانة، وعلى وجوب صيانته عن الابتذالِ والامتهان، وعلى كفرِ مَن استخفَّ بالقرآن أو بالمصحف، أو جحد شيئًا مما وردَ فيه.
ومسألة تلوين الآياتِ المتشابهة بلون واحدٍ، تسهيلًا لفهمه وتدبرِه، مِن المسائلِ الحادثةِ، التي اختلفت فيها أنظارُ العلماء المعاصرين؛ فمَن منعها رأى أنها تنقصُ مِن هيبة القرآن في قلوب عامة الناس، وتَشغلُ القارئ عنِ التدبر والفهم، ومَن أجازها رأى أنّ فيها فائدةً وإعانةً على التدبر والفهم.
عليه؛ فلا ينبغي إثارة الضجة في بيوتِ الله- تعالى- وحمل الناس على رأيٍ اجتهادي، والافتيات على ولي الأمر، وهو وزارة الأوقاف، بل يجبُ الرجوع إليها، واتباعُ ما تراه في هذا الشأن.
وأما كتاب (تفصيل آيات القرآن)، فهو كتاب حاول فيه مؤلفه جمع الآيات ذات الموضوع الواحد، تحت عنوان يجمعها، وهو كتاب نافعٌ، استفاد منه المتخصصون، وبينوا ما فيه مِن قصور وأخطاء، كما استفاد المتخصصون في الحديثِ من كتاب (المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي)، الذي ألّفه عددٌ من المستشرقين، في فهرسة دقيقة للكتب التسعة، التي هي أمهاتُ كتب الحديث.
ولا ينبغي فتح باب التلوينِ على عواهنه، كما هو حال كثير من المصاحف التجارية، التي لونت فيها ألفاظ الجلالة، أو أحكام التجويد، أو اختلافات القراء، ووقعت فيها أخطاء فادحة، كما بين ذلك المختصون، فَسَدُّ هذا البابِ هو المتعينُ؛ حمايةً وصيانةً لكتابِ الله – تعالى – وحرمته.
وعلى وزارة الثقافة, ومكتب المطبوعات, ووزارة الأوقاف، ولجنة المصاحف؛ مسؤوليةٌ عظيمةٌ في إعطاء الإذن باستيرادِ أو نشرِ أيّ مصحفٍ، قبلَ التأكدِ مِن خلوِّه مِن الأخطاءِ، وصلاحيتِهِ للتداوُلِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
21/المحرم/1437هـ
2015/11/03م