تنازع في قسمة تركة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3240)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توفيَ أبوانِ، وتركَا أثاثًا منزليًّا مشتركًا بينهما، ولا يرثُهما إلا أولادُهما، ذكورًا وإناثًا، فكيفَ يقسم الأثاثُ؟ وهل يجوزُ أنْ يستحوذَ عليه أحدُهم، ويمنعَ باقي الورثةِ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ جميع ما تركه الميت؛ من أموال وعقار وأثاث ومفروشات، وكلّ ما لَه قيمة مالية، هو داخلٌ في جملةِ التركة، يقسمُ على جميع الورثة، حسب الفريضة الشرعية، المقدرة في كتابِ الله، قال ابن عرفة رحمه الله: “التركة حق يقبل التجزي، يثبت لمستحق بعد موت من كان له بقرابة أو نكاح” [حاشية البناني على الزرقاني:360/8].
وإذا اختلف الزوجان في الأثاث، فما كان من متاع النساء كالحلي والغزل وثياب النساء حكم به للمرأة مع يمينها، وما كان من متاع الرجل كالسلاح والكتب وثياب الرجال حكم به للرجل مع يمينه، وما كان يصلح لهما جميعا كالدنانير والدراهم، فهو للرجل مع يمينه [القوانين الفقهية:142]، إلا إذا نُصّ في عقد الزواج أن الزوجة تختص بالمفروش والأثاث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ) [البخاري:2721،مسلم:1418]، أو وُجد عرفٌ يقضي بذلك؛ لأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، أو ثبت بالبينة أن الزوجة اشترت الأثاث والمفروشات مِن مالِها الخاص؛ فهو لها، تختص به، ويورثُ عنها، وورثة الزوجين بعد موتهما بمنزلتهما في البينة والحلف؛ ففي المدونة: “قلت: أرأيت إذا تنازعَا في متاع البيت الرجل والمرأة جميعًا، وقد طلقها أو لم يطلقها، أو ماتت أو ماتَ هو؟ قال: قال مالك: ما كان يعرف أنه من متاع الرجال فهو للرجل، وما كان يعرف أنه من متاع النساء فهو للنساء، وما كان يعرف أنه من متاع الرجال والنساء فهو للرجل؛ لأن البيت هو بيتُ الرجل، وما كان من متاع النساء ولِيَ شراءَه الرجلُ وله بذلك بينة فهو له، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما اشتراهُ لها، وما اشتراه إلا لنفسهِ، ويكون أحق به، إلا أن تكون لها بينة أو لورثتها أنه اشتراهُ لها. قلت: أرأيت ما كان في البيت من متاع الرجال فأقامت المرأة البينة أنها اشترته؟ قال: قال مالك: هو لها. قلت: وورثتها في البينة واليمين بمنزلتها؟ قال: نعم، إلا أنهم إنما يحلفون على علمِهم، أنهم لا يعلمون أن الزوج اشترى هذا المتاع الذي يدعي من متاع النساء، ولو كانت المرأة حية حلفت على البتات. قلت: وورثة الرجل بهذه المنزلة؟ قال: نعم” [المدونة: 188/2].
وعليه؛ فلا يجوز لأحد الورثة أن يستأثر بشيء من الأثاث، دون باقي الورثةِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
21/جمادى الآخرة/1438 هـ
20/مارس/2017م