بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4151)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي السيد (ك) عن زوجة وثلاثة أولاد، هم: (ش)، و(د)، و(ح)، وقد قسمت بعض أراضي التركة، وبقي أكثرها مشاعًا غير مقسوم، ثم توفي (د)، وبعد ذلك تصدقت (ح) على ابن أخيها (د) بعدّة أراضٍ من نصيبها في ميراث والدها، واسمه (ص)، وذكر في وثيقة الصدقة أن المتصدَّق عليه: “قَبِل الصدقة وحازها حوزًا معتبرًا شرعًا بالتطوف ونبش التراب وتكسير بعض أغصان الشجر والتصرف في الدور بالفتح وضده بعد إخلائها من شواغل المتصدقة وعقود أكريته”، كل ذلك بمعاينة الشهود سنة 1944م. وبعد وفاة المتصدقة والمتصدق عليه اعترض على الوثيقة بعض الأحياء، ممن ولدوا بعد تاريخ الوثيقة، بحجة أنها لا تحتوي على توقيع الشهود، ولا ختمٍ من جهة معتبرة، وأنه على فرض صحتها، فلا يمكن أن يكون (ص) حاز جميع الصدقة، كما ذكر في الوثيقة؛ إذ كثير من منابها بقي مشاعًا، لم يقسم بين ورثة (ك)، ويريد الورثة الآن قسمة بعض الأراضي التي لم تقسم، فلمن يذهب نصيب (ح)؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ تبرع الشخص بنصيبه من تركة لم تقسم يعدّ هبةً على الشّيوع، ويشترط لصحتها الحيازة، وهي تحصل بتصرف الموهوب له مع الشركاء كأنّه واحد منهم، بأخذ الغلة والارتفاق بالمنافع ونحو ذلك، قال الونشريسي: “كُلُّ مَنْ وَهَبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَى -أي الموهوب له- احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 9/196].
وحيث إن وثيقة الصدقة المرفقة وثيقة عرفية، وليست معتمدةً من أيّ جهة مخوّلة باعتماد الوثائق في ذلك الوقت، مثل المحاكم الشرعية، ولا يمكن الجزم بصحة الحيازة المذكورة فيها، فإن المخلص هو أن تجتمع الأطراف المعنيّة لعقد صلح بالتراضي في نصيب (ح) المتنازع عليه، تطيب خواطرُهم به، وتبرأ الذّمم؛ حتى لا يلحق طرفًا منهم احتمالُ أخذِ ما لا يحلُّ له، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17// رجب// 1441هـ
12// 03// 2020م