تنزيل أبناء الابن منزلةَ أبيهم أن لو كان حيّا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2634)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توفي شقيقي (م)، في سنة (1965م)، وترك زوجة وأبناء، وبعدها توفي والدي (ش)، في سنة (1988م)، وترك من بعده أبناء، وتركةً متمثلة في عقارات وحيواناتٍ، وغير ذلك، وقد أنزل أبناء ابنه المتوفَّى قبله منزلةَ أبيهم، في جميع ما يملكُ، أن لو كان حيًّا، فهل يصح شرعًا هذا التصرفُ مِن والدنا؟
وكذلك عندما طالبتُ بتقسيم التركة، ادعى إخوتي بأن والدي قد تنازل لهم في حياته عن بعض العقارات والممتلكات، ولم يبقَ إلا عقارٌ واحدٌ، يدخل في القسمة على الورثة، فهل يجوز للوالد التنازل عن عقاراته لأبنائه في حياتِه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ تنزيلَ أبناء الابن، منزلةَ أبيهم أن لو كان حيّا؛ هو من قبيل الوصية، والوصية لغير الوارث تكون نافذة في ثلث تركة المتوفَّى، وما زاد عن الثلث كان موقوفًا على إذن الورثة، وهو ابتداء عطية منهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه في الوصية: (الثلث والثلث كثير) [البخاري:2592].
وأما التنازل المذكور فهو من قبيل الهبة، وشرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، ويتصرف فيها تصرف المالك في ملكه، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث” [الرسالة:117].
عليه؛ فإذا كان مع إخوتكِ المتنازل لهم ما يدل على الهبة؛ مِن وثيقة دالة على الهبة، أو شهودٍ يشهدون بذلك، وحازوا المتنازل عنه، وتصرفوا فيه تصرف الملاك في حياة والدهم، فهي هبة صحيحة نافذة شرعًا، ينتقل بها الملك، ولا يحق لأحد منازعتهم فيها؛ لأنها هبة تمت بالحيازة قبل موت الواهب، أما إذا لم تتحقق الحيازة حال حياة الواهب، أو بقي يسكنها إلى أن مات، فإنّ الهبةَ لا تتم لهم؛ لفقدِ الحيازة، وتقسم حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غــيث بــن مــحــمود الــفــاخــري
نائب مفتي عام ليبيا
13/المحرم/1437هـ
2015/10/26م